13 سبتمبر 2025

تسجيل

إطلالة على الأدب النوبى

30 أبريل 2015

من البديهى أن يكون لنا – نحن العرب – سمات مشتركة فى الثقافة والأدب وكذلك العادات والتقاليد .. وربما كان ما يجمع العرب هو اللغة العربية .. اللغة التى نزل بها القرآن الكريم .. وبالتالى فإن الغالبية العظمى من العرب يدينون بدين واحد مما يجعل الثقافات تتقارب حتى لو إبتعدت المسافات .. ولكن يبقى لكل إقليم خصوصيته التى يتفرد بها عن الآخرين حتى ضمن أفراد الدولة الواحدة .. وسنضرب لذلك مثلا بالنوبة فى مصر . والنوبه جزء غال من مصر .. ويتميز أبناؤه بالخلق القويم والطيبه والإيثار .. والثقافه النوبيه تمثل جزءا أصيلا من ثقافة المجتمع المصرى .. كما أن الأدب النوبى أضاف الكثير للثقافة العربية .. ويعبر الفن النوبى بشكل أو بآخر عن بعد مهم من أبعاد الواقع الحضارى بروافده الإجتماعية والثقافية . والأدب النوبى يتميز بالخصوبة والثراء .. خاصة أنه يشهد حاليا طفرة من النادر أن نجدها فى أدب آخر .. ومثل ذلك يحدث فى الفنون وشتى المناحى الثقافية النوبية . ونود فى إطلالتنا هذه أن نلقى بعض الضوء على هذا الجزء العزيز من أرض مصر وشعبها الطيب الذى تم تهجيره من موطنهم الأصلى عند البدء فى إنشاء السد العالى .. مضحين ببلادهم الأصليه من أجل رخاء ورفاهية الشعب المصرى بأكمله .. وأقاموا فى مناطق التهجير التى أعدتها الدوله والتى كانت موضع إهتمام جميع المسئولين وعلى رأسهم الرئيس الأسبق الزعيم الراحل جمال عبد الناصر . صحيح أن الحكومه فى ذلك الوقت قد وزعت عليهم الأراضى المستصلحة عوضا عن تلك التى غمرتها مياه بحيرة ناصر .. وبنت لهم بيوتا من الحجر بنفس طريقة البناء التى تعتمد على الأقبية وارتفاع الأسقف فى محاوله للتخفيف عن هؤلاء المهجرين وحتى لا يشعروا بالأسى واللوعة لترك موطنهم أو على الأقل محاولة التخفيف من هذا الاحساس لديهم .. ولكن هل يمكن هذا ؟ إننى ومن خلال تجربتى الشخصية عاصرت بعض الأدباء من كاتبى القصة القصيرة فى نادى القصة .. وكانت كتاباتهم مليئة بالشجن والحنين لمسقط رأسهم .. وكم من القصص كتبت وتناولت تلك الدموع التى ذرفت والمشاعر الفياضة عندما كانت تحكى عن لحظات التهجير هذه .. وان نسيت فلن أنسى تلك القصة التى تناول فيها أحد الأدباء - إبان أواخر الثمانينيات - التى سرد فيها قصة أسرة - وفى الغالب هى تجربة شخصية - التى ركبت قاربا لنقلها وطلب منهم المراكبى تخفيف الحمولة .. واضطرت فتاة صغيرة أن تضحى بعروستها .. كما إضطر فتى - هو فى ظنى كاتب القصة نفسه - لترك كلبه العزيز وراءه وما صاحب ذلك من مشاعر لم تنجح السنوات فى محوها . ولأهل النوبة جميعا لغتهم الخاصة وهى - لمن لا يعلم – لغة تحدث فقط ولا يمكن كتابتها . وكان لدى المجتمع النوبى دوما على مر السنوات رغبة عارمة فى الإنعزال والتقوقع .. حتى يصعب أن تجد مع الأسر النوبية من هم من غير أهل النوبة .. واستمر هذا بعد التهجير حيث أبقوا على منتدياتهم الخاصة التى لا يرتادها غريب .. وانعكس ذلك على ثقافتهم التى تتحدث دوما عن مسقط الرأس والحنين الى تراب الموطن الأصلى . ولأهالى النوبة جميعا محبة خاصة فى نفوس الشعب المصرى كله وجميعهم إخوة أعزاء عاشوا بيننا فى السراء والضراء .. فهم جزء لا يتجزأ من نسيج هذا الوطن المتجانس وعقد من عقوده المنتظمه. ونحن نرحب بالأدباء من أبناء النوبة وإبداعاتهم .. وسنقوم بمساعدتهم على نشر أعمالهم والتعليق عليها .. وهذا أقل ما يمكن عمله للتعبير عن حبنا لأهالى النوبة الكرام . وإلى موضوع جديد ولقاء قادم بحول الله .