12 سبتمبر 2025
تسجيليرى البعض ان الجنون يرتبط بالعقل وبالتالي الأفعال التي تصدر من الشخص في حق نفسه ومن حوله، ويرى البعض الأفعال الجنونية مؤذيةً وقد تكون مُدمرة، هذا صحيح والبعض لا يرى في الفِعل الجنوني انه كذلك طالما لم يُسىء لفرد آخر او بيئةٍ مجتمعيةٍ. ولكن ونحن في شهر الخير يتجدد امامنا جنونٌ يبدو انه مُبرمجٌ فيه، انه هوس الإسراف، فبين ارتفاع معدلات هدر الطعام من جانب ومعدلات الجوع من جانبٍ آخر يحتار العقلُ تماماً. فالإسراف عادةٌ مجتمعيةٌ مزمنة ونحن جميعاً مبتلون بها ونمارسها في شهر رمضان الفضيل في كل عام وعلى جميع مستوياتنا وطبقاتنا،وهناك قطاعٌ عريضٌ من الناس الذين يتصورون أن طبيعة الشهر الفضيل تتطلب الإسراف وزيادة الإنفاق، حباً في الخير والثواب والبركة، ورغم أنَّه شهر التقوى والصيام إلا أن مُجتمعاتنا اعتادت على أن تتعامل معه باعتباره شهر التبذير والإسراف في الاستهلاك فما أن يقترب الشهر الكريم حتى تجد الناس أفواجاً أفواجاً يتوجهون نحو المتاجر الكبيرة والأسواق لشراء كمياتٍ كبيرةٍ ومتنوعةٍ وكأنهم لن يجدوها مرةً أخرى او كأننا مقبلون على مجاعة ! او كما تبدو انها المرة الأولى التي يتم فيها شحن المطابخ بالأغذية في ترجمةٍ خاطئةٍ لمعنى الإفطار والسحور وما بينهما من اسرافٍ للتباهي ينتهي مصيره في حاويات القمامة والشعار المرفوع « يزيد ولا يقصر « .لا شك أنّه بمجيء شهر رمضان تمطر علينا الخيرات فيجيء حاملاً معه الأرزاق لكلّ النّاس لكنّ هذا لا يعني أن نُسرِف ونبذّر ونترك العِنان لبطوننا بأن تتحكم بنا دون وضعِ قيودٍ لها، فشهر رمضان شهر الصيام والعبادة في المقام الأول، وهذه المغالاة والتباهي في التسوق يجعلنا نقع في خطأ الإسراف والتبذير، بالمقابل فإن الكرم خصلةٌ من عاداتنا وتقاليدنا وشيم العرب ولكن هذا لا يعني عدم الإحساس بقيمة النعمة، وعوداً على بدء فإن إهدار الطعام من أكثر السيناريوهات المتكررة في شهر رمضان وكأنه شعارٌ لجنونٍ مُبرمج لدينا. أخيراً: اذا كان المطلوب تغييراً جذرياً في التعاطي مع الموضوع فلا تتجاهل ان كسرة خبز تؤكل في هدوء، خير من وليمة تحضرها وأنت قلِق!!