15 سبتمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); جرأة صالح على الكذب والتنصل لا تضاهيها إلا عدمية أولئك الذين مازالوا حوله حملة مباخر وأتباع ضلال مبين. كان حكم صالح تاريخا من التملص والتبرؤ من المسؤولية وعدم الاعتراف. يحتاج المرء للكثير من الحذق والنباهة كي يضلل ويزيف الحقائق والوقائع على هذا النحو ويتطلب العقل مستوى من الاحترام كي ينخدع ويمرر ويتقبل ما يقال. يكرر صالح القول إن الصراع مع الحوثيين كان مجرد "خلاف سياسي وإداري " وذلك لتبرير تحالفهما الشيطاني الأخير في الانقلاب على الشرعية وإعلان الحرب. هذا القول ذروة الخيانة والإهانة لليمن واليمنيين يصرح به صالح في كل مناسبة دون تحفظ ولا مراعاة وببجاحة تجاوز قدرتنا على التحمل. يتنصل صالح ببساطة من ست حروب طاحنة هو من اتخذ قرار خوضها جولة بعد أخرى ودفع بالجيش إلى محارقها الممتدة بمبرر الدفاع عن الجمهورية وحماية البلاد من المد الصفوي الإيراني وهو من عمل منذ البدء على تأطير تلك الحرب ضمن أبعاد وطنية لإضفاء المشروعية عليها رغم عجزه عن تجييش أحزاب المعارضة وقطاعات واسعة من المجتمع معه حيث كانت مخاوف القوى الوطنية من انزلاق البلد إلى حرب أهلية تجعل بقاءها ضد الحرب كقوة وازنة ووسيطة في مراحل لاحقة أمرا غاية في الأهمية. كانت حربا غامضة ملتبسة عصية على الفهم والحسم لم يزل صالح يؤكد خلالها "أن الحوثيين حركة مسلحة لها ارتباطات خارجية وتهدف للانقلاب على النظام الجمهوري وإعادة حكم الإمامة"، وهذا ما كان يؤكده الخطاب العام لنظام صالح عموما طوال سني الحرب المتلاحقة. كان صالح رئيس الجمهورية والقائد العام للقوات المسلحة اعلى سلطة في البلاد ولا يملك أحد اتخاذ قرار الحرب سواه، خطبه وتصريحاته طوال سنوات الحرب محفوظة تحمله المسؤولية وتفضح تنصله وخيانته لدماء وجراحات من ضحوا وقاتلوا تحت إمرته وبأمر منه. أكثر من ستين ألف قتيل من ضباط وجنود القوات المسلحة ومثلهم جرحى ومعاقون وآلاف الضحايا من المدنيين يتخلى صالح عنهم ويسلبهم شرف ومجد التضحية والبطولة لمجرد أنه أرغم على التخلي عن الحكم. أتساءل كيف يمكن لعسكريين تم إذلال قادتهم ورفاقهم في السلاح واستباحة دمائهم وتبخيس كفاحهم والالتفاف عليهم والتبرؤ منهم، كيف يمكن لعسكريين تم الغدر برفاقهم من قبل الرجل الأول المسؤول عن القوات المسلحة، كيف لهم أن يستمروا في القتال معه ضد أهليهم وبلادهم وقد غادر منصبه وصار زعيم عصابة كبيرا؟ لا يمكن حدوث ذلك إلا حين يصير أولئك العسكريون مجرد مرتزقة ورجال عصابات خلاف سياسي وإداري يستحق كل تلك الدماء والمآسي والأحزان والويلات التي عاشتها اليمن طوال دورات الحرب؟ يستمر الرجل في تبسيط جرائمه وكوارثه ويواصل عروضه الهزلية الأخيرة الساخرة بما تبقى له من عناد وعتاد ومال وقطيع مسلح. كان على الدوام مستعدا للتنصل والهرب وخذلان جنوده وكسر انتصاراتهم بتواطئاته وصفقاته المريبة ولم يكن ليتردد عن وضع قادات جيشه أهدافا لعدوهم في ساحات المعركة وتحميلهم أعباءها كاملة لتغدو حرب فلان وعلان وحرب مذهب ومذهب وحزب وطائفة وجهات ومناطق. لم يسمح بانتصار الجيش ولا بهزيمة الحوثيين فخرجوا أكثر انتفاشا وصلفا وتماديا وغرورا في تعاملهم مع الجميع وكانوا من أدوات إجهاض التغيير وتفجر الأوضاع عموما وانتهى بهم الحال للدخول مع صالح في حلف انقلابي مدمر في مآل يكشف الكثير من أسرار تلك العلاقة الغامضة التي جمعت الطرفين منذ سنوات الحرب الباكرة. في السياسة يمكن تفهم التغير في المواقف سلبا وإيجابا وتغير التحالفات كدلالات مرونة ونضج وربما نتاج مراجعات أو استجابة لمقتضيات الضرورة والمصلحة، غير أنها تظل محكومة بشروط العمل السياسي وبالمشروعية الدستورية والقانونية ومشروطة بالالتزامات الأخلاقية والوطنية، لا تحالفات على الشر والعدوان، لا توافقات على الحرب ضد المشروعية، لا شراكة في الانقلاب على الدولة وتحويل حياة الملايين إلى جحيم، هذا حلف خياني موصوم آثم لا يمكن تبريره على الإطلاق، أكثر شيء يُحَسِّنه صالح التنصل لم يكن يوما وفيا لسواه ولغير مصالحه الخاصة ومصالح أدواته ومجموعات الفساد حوله. تنصل طويلا من الإصلاحات والوفاء بمطالب التغيير، تنصل من كل الوعود التي ظل يصرفها بسخاء شمالا وجنوبا حتى وجد نفسه أمام لحظة الحقيقة في مواجهة كل الاستحقاقات المؤجلة والمرحلة والمتنصل منها بإصرار هذا الرجل سجننا طويلا في شخصه وأنهكنا في ملاحقته وبدد أعمارنا في إحصاء سيئاته وسوءاته وقد اقتضت الثورة خلعه من وعينا وأفكارنا وخطابنا وحياتنا كي لا يواصل سيطرته واستحواذه علينا طويلا. ثمة ضحايا كثر لـ صالح ما زالوا عالقين في دائرة القهر مشدودين لقاهرهم ويحتاجون لأن يتعافوا ويعاد تأهيلهم من جديد كمواطنين أحرار لا يمكن استغلالهم وحشدهم مع جلاديهم ضد أنفسهم ومصالحهم وحقوقهم وحرياتهم وقضاياهم العادلة، التحرر من السجن ومغادرة السجان عملية أولية مهمة تتطلب الكثير من اليقظة والجهد. من حق الرجل أن يطيل التشبث بالحياة وأن يستمر في الخصم من نفوسنا لصالحه مادمنا أقل تشبثا منه بالحياة ومادام هنالك من يسترخص روحه مقابل الفتات. يسأل صديقي باكتئاب حاد: "لا أدري كيف ستتخلص اليمن من هذا الوباء الذي اسمه صالح؟ مضيفا "لا أشعر بالانزعاج مما يمارسه هو رغم كارثيته لأن هناك الآن من يواجهه"، " لكنني أشعر دائما بإرهاق شديد بل بألم من أفكار معارضيه، صالح بكل تفاهته بلا معارضين" ما هو واضح أن الرجل سيواصل التصرف كما اعتاد طوال ٣٣ سنة ولن يقبل التنصل من أداء دور الزعيم ولن يرض بحليفه سوى أداة وحامل وزر وغطاء فهما مشروعا إمامة لا يمكن لأحدهما إلا أن ينفي الآخر. ويظل السؤال: ترى أي الحليفين يسبق في التنصل؟