27 أكتوبر 2025
تسجيلاعتنى كثير من العرب والمسلمين بتربية أبنائهم تربية صالحة ومن طرق هذه العناية جلب المعلمين لهم من أجل تأديبهم وتعليمهم ما ينفعهم وقد حفلت كتب التراث بالعديد من الوصايا والدرر المقدمة لمعلمي أبنائهم كي ينشأوا على العلم والفضيلة لتعميم الفائدة والاستفادة من دروس معلمينا الاوائل نقتطف شيئاً منها علها تكون مرشدا لمعلمي الجيل الجديد:جاء في بدائع السلك في طبائع الملك لابن الأزرق ذكر عدة وصايا نافعة للمعلم منها:— ينبغي للمعلم أن يزيد المتعلم على فهم كتابه الذي أكب على التعليم منه، بحسب طاقته وقبوله مبتدئاً أو منتهياً، ولا يخلط مسائل الكتاب بغيرها، حتى يعيه من أوله إلى آخره.. ويستولي منه على ملكة به ينفذ في غيره، لأن المتعلم إذا حصل ملكة ما، استعد بها لقبول ما بقي، حتى يستولي على الغاية.. وإذا خلط عليه الأمر، عجز عن الفهم، وأدركه الملل، وانطمس فكره، وآيس من التحصيل، وهجر العلم والتعليم.. والله يهدي من يشاء.— ينبغي له ألا يطول على المتعلم في الفن الواحد أو الكتاب الواحد بتقطيع وتفريق ما بينهما، لأنه ذريعة إلى النسيان، وانقطاع مسائل الفن بعضها عن بعض لعسر حصول الملكة بذلك.. وإذا كانت أوائل العلم وأواخره حاضرة عند الفكر، كانت الملكة الناشئة أيسر حصولاً، وأحكم صبغة، لأن الملكة إنما تحصل بتتابع الفعل وتكرره ومتى تنوي الفعل، فالملكة الناشئة عنه كذلك.. والله علمكم ما لم تكونوا تعلمون.— ينبغي ألا يخلط على المتعلم علمين معاً، فإنه حينئذ قل ان يظفر بواحد منهما، لتقسم البال، وانصرافه عن كل واحد منهما، إلى تفهم الآخر، فيستغلقان معاً، ويستعصبان، ويعود منهما بالخيبة.. قلت: من كلام ابن رشد الحكيم، مقرراً لهذا المعنى.. من أحب أن يتعلم أكثر من شيء واحد في وقت واحد، لم يتعلم واحداً منهما.. وقديماً وردت الوصية بذلك.. وعن بعضهم أنه قال لمؤدب ولده: لا تخرجهم من علم إلى علم، حتى يحكموه، فإن اصطكاك العلم في السمع وازدحامه في الوهم، مضلة مغلقة للفهم.— ان العلوم الآلية لا توسع فيها الأفكار، ولا تفرع المسائل، وذلك لأن العلوم صنفان: أحدهما: مقصود لذاته، كالتفسير والحديث والفقه وعلم الكلام من الشرعيات، والطبيعيات والالهيات من الحكميات.. وهذه فلا حرج في توسيع الكلام فيها، وتفريع المسائل لمزيد تمكن الملكة بذلك.الثاني: آلة لذلك المقصود لذاته كالعربية والحساب وغيرهما، وهذه فلا ينبغي أن يوسع فيها الكلام ولا تفريع المسائل، لخروجها بذلك عن المقصود بها.واخيرا من وصايا عبدالملك بن مروان لمعلم ولده:علمهم الصدق كما تعلمهم القرآن، وجنبهم السفلة فانهم اسوأ الناس رعة (أي ورعا) واذا احتجت الى ان تتناولهم (تعلمهم) بأدب فليكن ذلك في ستر لا يعلم به احد من الفاشية فيهونوا عليه. وسلامتكم