10 سبتمبر 2025

تسجيل

حصّتي من نفط لبنان للبيع

30 يناير 2023

في ظلّ الحفل النفطي، وبما أنّ الجميع مسرور، يُسعدني كمواطنة لبنانية - لم أنتخب أحدًا ليُمثّلني في مجلس النواب الحالي - أن أبيع حصتي من النفط المُنقّب عنه، وفق مبدأ "عوّاد باع الأرض يا ولاد". "قطر للطاقة" و"توتال إنيرجيز" الفرنسية و"إيني" الإيطالية، شركاء رسميون في التنقيب عن النفط اللبناني، هذا ما أعلنه رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية في حفل التوقيع على اتفاقيات الشراكة. الباحثون عن النفط لا يهتّمون بالمشروعية بقدر اهتمامهم بالشرعية. فالحكومة اللبنانية الحالية التي توقع على اتفاقيات التنقيب ووقعت قبلها ترسيم الحدود مع الكيان الصهيوني، هو نظام شرعي جاء وفقاً لانتخابات نيابية، ومشاورات لتشكيل الحكومة، بما يرضي الدستور وبما لا يُرضي الله. أما فيما يتعلق بمشروعية هذا الوضع السياسي، فهو غير حائز على رضا الناس خارج صناديق الانتخابات، وما المسرحية الانتخابية التي عُقدت في مايو 2022 إلا جزء من الإجراءات التي ينبغي أن تكتمل قانونياً قبل الترسيم والتنقيب. فواضع القانون الانتخابي ومُقسّم الدوائر الانتخابية ومُمول الأحزاب وفارز النتائج ومالك وسائل الإعلام نظام واحد وإن تعدّدت ألوانه. وباكتمال هذه الإجراءات يتأكد للمراقبين أن هذه الطبقة السياسية الحاكمة مدعومة عربياً ودولياً ومسنودة في "بحصة تسند خابية" على شكل معونات عينية للمنظومة الأمنية لمنع الهيكل من السقوط، إلى حين التنقيب والاستكشاف والتوقيع على الصفقات التي لا بُدّ أن تمرّ على شكل اتفاقيات موقعة من مجلس النواب حفاظًا على "موارد الأمّة". وفيما وَصف رئيس الحكومة اللبناني "دخول قطر للطاقة" بأنه "حدث مهم واستثنائي" وأنه: "سيفتح الطريق مستقبلاً لاستثمارات عربية وخليجية على وجه الخصوص"، وهذا موقف إيجابي، إلا أن الحكومات اللبنانية المتعاقبة منذ الطائف، وعلى ما يبدو، تعيش حالة من الإنكار، وهي حالة سلوكية نفسية متفاقمة باتت تحتاج إلى علاج وربّما إلى استئصال؛ أو تتغذّى على تضليل الرأي العام. إنّ الطريق نحو المستقبل الذي يُشير إليه المسؤولون في لبنان هو طريق واحد مُحاصر بثلاثٍ: البحر، الكيان الإسرائيلي، وسوريا. وتبعية الموجودين في التركيبة الحالية لأطراف خارجية على حساب المصلحة الوطنية محسومة وإن اختلفت درجاتها. ومهما استثمرت شركات الطاقة في صدق النوايا، فإنّ مصلحة هذه الشركات تلتقي عند البحر، وليس من شأنها تحقيق التنمية المستدامة في لبنان، بخلاف ما تُسوقه الطبقة السياسية والاقتصادية اللبنانية، فالاستثمار العربي والغربي لن يُحقق التنمية المُستدامة والإنماء المتوازن، بقدر ما سيعمل على إنعاش النظام السياسي الموجود، فتحقيق التنمية هو مسؤولية لبنانية بحتة. والحقيقة أن مهندسي هذه الصفقات لا تعنيهم التنمية الوطنية للدول الأخرى بقدر ما يعنيهم الاستقرار الأمني، ولهذا كان الرجل الأمني هو المُنسق بين الشرق والغرب، وكان المُخوّل بالتفاوض بين الأطراف المختلفة. إنّ طبيعة هذه الصفقات والظروف التي هُيِّئت لها وسيرورتها ستزيد من نفوذ المُسيطرين على مقدرات الدولة براً وبحرًا وجوّاً، وسيكون للفساد باب جديد في لبنان، مع "رشّة" من المسؤولية المجتمعية والاقتصادية التي ستبدو للمواطن اللبناني أنها خطوة على طريق الإنقاذ. ملاحظة: كُتب هذا المقال تحت تأثير الرشح والزكام وربّما لا تمت أحداثه للواقع بصلة.