15 سبتمبر 2025
تسجيلتخوض غالبية الأحزاب العربية انتخابات الكنيست في قائمة عربية واحدة. معروف وكما أظهرت كل استطلاعات الرأي الحديثة أن 50% من أهلنا في المنطقة المحتلة عام 1948 يقفون ضد المشاركة في المؤسسة التشريعية الصهيونية، تماما مثلما حركات وقوى سياسية أيضا أبرزها: حركة أبناء البلد، الحركة الإسلامية (الجناح الشمالي بقيادة الشيخ رائد صلاح) وغيرهما، أيضا وبموضوعية نقول: فإن 50% من جماهيرنا هناك مع المشاركة فيها، لكن ووفق ما تؤكد الاستطلاعات وتجارب الانتخابات السابقة فإن من ينتخب من العرب هم نسبة ضئيلة من الموافقين على المشاركة، هذا بالطبع يؤدي إلى تصاعد الجدل بين جماهيرنا هناك على صوابية وخطأ المشاركة، للعلم: أول دخول للفلسطينيين في المؤسسة التشريعية لدولة الكيان كانت من خلال الحزب الشيوعي "الإسرائيلي"، فقد حرص على تسمية بعض الفلسطينيين من أعضائه (95% منهم عرب) في قائمته الانتخابية. للحزب موقفه من دولة الكيان ووجودها، تماما مثل مواقف الاتحاد السوفيتي (سابقا)، والأحزاب الشيوعية العربية، من القضية الفلسطينية، والتي طالما اختلفنا معها، أي أنهم مع هذا الوجود الصهيوني على الأرض الفلسطينية العربية. لا ننكر أن للحزب مواقفه الوطنية، وكشف التمييز العنصري ضد أهلنا من قبل الدولة الصهيونية، وكشف جرائمها وموبقاتها.. لكن طيلة وجود تمثيل الحزب وكل الأحزاب العربية فيما بعد، في المؤسسة التشريعية، لم يؤثر على اتخاذ قرار واحد في الكيان الصهيوني، وللحكم على صحة المشاركة أو خطأها.. دعونا نستعرض بعض الوقائع التي هي نقطة في بحر الحقائق الثابتة والأكيدة. التواجد العربي في الكنيست لم يؤثر على إيقاف ولو مذبحة واحدة من مئات المذابح الصهيونية ضد شعبنا.. القديمة منها والجديدة. لم يؤثر على تهجيره واقتلاعه (وآخر مشاريعه وليس آخرها: اقتلاع أهل النقب) من أراضيهم. لم يؤثر على منع سن قانون عنصري واحد ضد أهلنا، ولا على المضي في الاستيطان، وتهويد القدس، وتكسير عظام الفلسطينيين، وتعذيب معتقليهم وتجربة الأدوية الخطيرة عليهم. التواجد في الكنيست لم يمنع هدم بيت فلسطيني واحد ولا اقتلاع شجرة واحدة ولا مصادرة دونم واحد من الأرض. الكيان ماض في عدوانه المستمر على الشعب الفلسطيني والأمة العربية!. بالتالي يصبح السؤال: ما الفائدة إذن من هذا التمثيل؟!. الكيان يستفيد أيما استفادة منه، فهو يزيّن به وجهه القبيح وما يدّعيه من "ديمقراطية"!.. لكنه ماض في كل خططه وجرائمه وموبقاته وعنصريته وعدوانه، فهل حسبت دولة الكيان أي حساب لوجود تمثيل للحزب الشيوعي أو للأحزاب العربية في الكنيست؟. بالطبع: لم يكن هذا في حسابات الكيان مطلقا، وهو غير موجود حاليا. ولن يكون مستقبلا. نعم.. اللعبة التي يتقنها الكيان جيداً: اقتراف المذابح وممارسة التطهير العرقي وتهجير الفلسطينيين. وممارسة أبشع أشكال التمييز العنصري ضدّهم، والسماح لهم في آن معاً بالترشح وممارسة التصويت في الكنيست، يذهب إلى العالم بالمظهر الأخير ليقول: إنه دولة"ديمقراطية"! يعيش العرب فيه على قدم المساواة مع اليهود! في هذا الوقت الذي تشير فيه قوانين الأساس(والتي هي بديل للدستور) في الدولة الصهيونية على أنها"دولة يهودية" وبهذه الصراحة تم تقديم مشروع قرار للكنيست المنحلّ، والكنيست القادم سيكون على رأس جدول أعماله: التصويت على المشروع بعد أن أقرته لجنتا: الشؤون القانونية والبرلمانية للحكومة المنحلة. واللجنة الأخرى الشبيهة التابعة للكنيست. شعار/هدف تأكيد "يهودية الدولة" أكدته "إسرائيل" في إعلان ما يسمى بـ"استقلالها" في عام 1948. وهذا ما صادقت عليه الكنيست في أعوام تالية، وما قامت به حكومة مناحيم بيغن في عام 1977 "بتحصين الطابع اليهودي للدولة". دولة الكيان طلبت ولا تزال من دول العالم ومن الدول العربية والفلسطينيين: الاعتراف"بيهوديتها"وجعلت من ذلك اشتراطاً للتسوية مع الطرفين الأخيرين. أما غرض القضاء الصهيوني أحيانا بالسماح لهذا المرشح العربي أو ذاك. رغم قرار منعه حكوميا من الترشح لانتخابات الكنيست فهو إجراء شكلي يحرص عليه القضاء الذي يتهم زورا بـ(العادل!).. لا ننسى أن هذا القضاء سبق وأن برّأ قتله الناشطة الأمريكية راشيل كوري. من قبل جنود الاحتلال عن سابق إصرار وعمد، عن طريق جرافة، وكانت كوري تحاول منعها من هدم بيت فلسطيني، إنه نفس القضاء الذي أباح تعذيب الأسرى الفلسطينيين على أيدي المخابرات الصهيونية، إنه نفس القضاء الذي حكم على الضابط المسؤول(شيدمي) عن مجزرة دير ياسين. بقرش واحد. ونفس القضاء الذي يبرأ قتلة الفلسطينيين على أيدي رعاع المستوطنين، وعصابات القتل الصهيونية، وجيش الاحتلال "الإسرائيلي"، إنه نفس القضاء الذي يبيح للجيش مصادرة الأرض الفلسطينية، وهدم البيوت . إن النائب الفلسطيني العربي الناجح في الانتخابات عليه أن يقسم على الولاء لدولة "إسرائيل" اليهودية. ولا يحق له الامتناع عن ذلك، لأن القَسَم مفروض على كل من حازوا على عضوية الكنيست. بمختصر مفيد نجيب: إن ما يستطيع النواب العرب في الكنيست إنجازه (في حقيقته لا شيء) هو الطرح الكلامي المعروف الاستعراضي الطابع في مجمله.. وهذا نقطة في بحر الإيجابيات التي تجنيها دولة الكيان من وراء هذه المشاركة! الديمقراطية هي كل واحد لا يتجزأ. فلا يمكن لدولة أو لحزب أن يكون ديمقراطياً وصهيونياً في الوقت نفسه، وديمقراطياً وعنصرياً، وديمقراطياً وفاشياً، وديمقراطياً وعدوانياً!.. فما الفائدة للعرب إذن من دخول المؤسسة التشريعية الصهيونية؟ نتحدى أن يتحفنا المروجون "لأهمية المشاركة" في الكنيست. بإيراد فائدة عملية واحدة من مشاركة العرب وأحزابهم في عضوية الكنيست... باستثناء الخطابات؟! وسأتراجع عن خطأ رأيي حينها وأقوم بتقديم اعتذار مكتوب عمّا كتبت!