15 سبتمبر 2025
تسجيلالأداء القوي لاقتصادنا وفوائض الموازنات المالية التي أشاد به صندوق النقد الدولي سيعزز من فرص الاستثمارات الخارجية، وسيعمل على تنويع مصادر الدخل المحلي، لأنّ جذب الاستثمارات سيدفع بعجلة مختلف الأنشطة الأخرى من خدمات واتصالات وتقنية وغيرها. وقد ذكر تقرير الصندوق عدداً من المؤشرات العالية في النمو والاقتصاد ستعمل بدون شك على خلق رؤية أكثر تناغمية مع المستجدات، فقد أشار إلى أنّ معدل النمو في العام الحالي قد يصل إلى "5،2%" الذي تبلغ قيمته "191،5"مليار دولار، وأن تحقق الموازنة الحالية فائضاً بقيمة "10،6"مليار دولار أيّ "39"مليار ريال، كما أنّ معدل التضخم في وضع مستقر. كل هذه البيانات الإحصائية ستعزز من فرص الدخول في استثمارات مجدية، إضافة ًإلى آفاق الاقتصاد المحلي التي لا تزال قوية لما تتميز به القطاعات غير الهيدروكربونية من تنوع، إذ من المتوقع أن يحقق هذا القطاع نمواً يتراوح بين "1%و3%". وقد قدر التقرير استثمارات قطر الخارجية بـ"215" مليار دولار، وتوقعت أن تصل إيرادات النفط والغاز إلى نسبة "75%" بحلول 2018، ومن المتوقع ارتفاع إجمالي الصادرات لتنمو إلى "121،4"مليار دولار، منها "37،7"مليار دولار في النفط الخام ومشتقاته. وأشار أيضاً إلى جملة من المؤشرات في قطاعات مهمة سيكون لها انعكاس على النمو سواء في الاستثمارات أو الدخل المحلي، فمثلاً بلغ إنتاج القطاعات الهيدروكربونية نسبة "4%" مقارنة ًبنموه "3،6%" في 2012، وستبلغ الإيرادات العامة للدولة في العامين 2012 و2013 وفق تقديرات الصندوق نحو "294،1"مليار ريال، وستفوق عائدات الغاز المسال الـ "69" مليار ريال وكذلك مبيعات النفط ووجوه الأنشطة الاقتصادية الأخرى التي تقدر بالمليارات. وقدر الصندوق أيضاً فوائض السنة الحالية بـ"97"مليار ريال، ومن المتوقع نمو التسهيلات الائتمانية بنسبة "27،8% لتصل إلى 45،2"مليار ريال. في قراءة متأنية للمؤشرات الإحصائية التي أوردها الصندوق يتبين أنّ الدولة تنفق بسخاء على مشروعات الدولة المهمة في النفط والغاز والمشتقات التي تقوم عليها، ويتضح الدور الريادي الذي حققته في السوق الدولية، أضف إلى ذلك الإنفاق على القطاعات التي تمكنت من تحقيق فوائض كبيرة، وستعمل الحكومة بكل تأكيد على توجيهها في مشروعات حيوية مثل البنى التحتية والخدمات والطرق والنقل. ويرتبط الاستثمار ارتباطاً وثيقاً بها، لكون جذب الاستثمارات إلى مشروعات الدولة سيوفر الكثير من الفوائض، وسيعمل على جذب رؤوس الأموال الخارجية لتفعيل تشغيلها في القطاعات الكبرى أما على المستوى المحلي فستكون فرصة سانحة لأصحاب الشركات ورجال الأعمال في الولوج إلى أسواق تنافسية أكثر ربحية من خلال الشراكات. فالفوائض المالية المتوقعة للعام 2013 سيعاد توجيهها للمشروعات المحلية، وستكون هناك سيولة مجزية للدخول في فرص استثمارية خارجية، خاصة ً أنّ الدولة نجحت وبمهنية عالية في اقتناص الفرص الاستثمارية في العالم، والتي تركزت على العقارات والمنشآت منها السياحية والمصارف وغيرها. وسأتحدث هنا عن الاستثمار من المنظور العالمي وبالرجوع إلى تقرير الاستثمار العالمي "الأونكتاد2012" يشير إلى تدفق الاستثمارات الأجنبية على المستوى العالمي إلى "1،24"تريليون دولار، ولكنها مازالت أدنى بنسبة "15%" بسبب ظروف الأزمات، ومن المتوقع أن يرتفع إلى "1،4 أو 1،6" تريليون دولار العام الحالي، وهذا في حالة عدم وقوع أي أزمات ولكن الواقع بمرئياته الحالية يشير إلى توقعات بعدم استقرار في أسواق المال. هذا التوسع سيصاحبه زيادة في العمالة والمبيعات والأصول المالية، وبالتالي نشوء شركات غير وطنية ستعمل على منافسة الشركات المحلية، وهنا من الممكن أن تستثمر الشركات العربية وجود تلك الشركات لتفعيل حضورها في السوق التنافسية. ومن الممكن أن تفعل أشكال الإنتاج لديها والتي تحقق فوائد إنمائية مهمة في القطاع التجاري والصناعي والتكنولوجيا والمشاريع. بالنظر إلى مخاطر الدخول في استثمارات على المستوى الدولي تلك المخاوف التي تعتري المبادرات الاقتصادية من انخفاض سعر النفط وتأرجحه بين الصعود والهبوط، والهاوية المالية الأمريكية، إذ لا تزال جاثمة ديون اليورو على كاهل الاقتصاد الأوروبي بدون حل يذكر، إلى جانب الاضطرابات السياسية في منطقة الشرق الأوسط، وهذه خلقت هواجس ومخاوف من طرق باب فرصة استثمارية في حين الوضع المالي لا يعاني من الاستقرار أيضاً. يشير تقرير "الأونكتاد" للاستثمار في 2012 إلى أنّ بيئة نشاط الأعمال بعد الأزمة مازال يكتنفها عدم الوضوح، فانتعاش الاستثمارات قد يخرج عن مساره بسبب احتمال حدوث أزمة واسعة الانتشار للديون السيادية في العالم، وعدم القدرة على التنبؤ بمخاطر أزمات مالية متوقعة والاختلالات الضريبية والمالية في البلدان المتقدمة فضلاً عن التضخم. أما محلياً.. فإنّ الاقتصاد القطري نجح حتى الآن في الفوز بفرص استثمار واستحواذ كبيرة جداً في كل القطاعات، فالضعف الذي اعترى الاقتصاد الدولي والاهتزازات المالية أتاحت فرص الاستثمار الناجح، والتي نتج عنها بعد ذلك نمواً في العوائد، إذ تعتبر الفوائض مسانداً للمصادر والأنشطة المزمع الدخول فيها لأنه سيزيد من صلابة الواقع الذي تعمل فيه.