30 أكتوبر 2025
تسجيلفي علم النفس، العزلة تعني بداية اللامعقول، لكن حياتنا الراهنة تبدو أنها قلبت ظهر المجن على علماء النفس، لتصبح العزلة اليوم بداية المعقول، أولى ثمارها هي راحة البال وهي ثمرة يانعة للتحرر من مخالطة الناس والانشغال الهوسي بآرائهم والسقوط المستمر تحت وطأة أنظارهم، عالم اليوم لم يعد عالما إنسانيا بقدر ما هو عالم أداتي، تحول فيه الإنسان إلى أداة، لم يعد الإنسان قادراً على الإمساك بذاته والتحدث معها والإنصات لما تهمس به، يعيش الإنسان على "قبليات" ورثها من مجتمعه، تتزعزع اليوم تحت أقدامه، آراء الناس أصبحت حكماً غير منصف تبعاً لتزعزع هذه القبليات، لو تناهى إلى سمع الإنسان ما يقوله الآخرون عنه لأصابه السقم ولهلك كمداً، لا أستغرب حين أجد الحكمة في الاعتزال، ولم أعرف حكيماً لم يعتزل، بل إن أصحاب الاتجاة العقلي في تاريخنا الإسلامي هم المعتزلة، في العزلة تيار نازل إلى أقصى النفس، يبحث عن سر ومعنى الوجود، لا تستشعره وأنت في السوق وسط الناس، أنت هناك ذات لكن ليست ذاتك هي ذات مشتركة مع الآخرين، تعيش سطحية اللقاء فقط، الكبر، الغرور صفات الذات المنشغلة بالآخر، ليست ذاتاً حقيقية حيث الذات الحقيقية وجود له أسبقية على الصفات، العزلة لم تعد مرضاً كما كان يشير علماء النفس، بل أصبحت اليوم شفاء من مرض مزمن اسمه الحياة الزائفة التي يعيشها إنسان اليوم.