16 سبتمبر 2025
تسجيلفي السابق كان الناس يتعاملون وفق عاداتهم وينقلونها من جيل إلى جيل، ولهذا يعد العرف الطريق الطبيعي الذي تخرج منه القواعد القانونية، والعرف ليس نوعًا واحدًا، بل هو أنواع متعددة، تختلف بحسب الزوايا التي ينظر إليها، فينقسم العرف من حيث مصدره، إلى أعراف قانونية وأعراف تعاقدية. الأعراف التجارية القانونية: هي الأعراف التي تم تقنينها فأصبح لها أثر إلزامي، مثل أثر النصوص الآمرة على الأفراد، فأخذت شكل مواد قانونية؛ حيث قنن التشريع الأعراف، وأصبحت نصوصًا قانونية بعد ما كانت عبارة عن سلوك إلزامي جرى عليه التعامل. ومن الأمثلة لتلك الأعراف التي أُدخلت في القانون التجاري، افتراض تضمان المدينين عند تعهدهم بالدين التجاري، وهذا ما جاءت به المادة (74)؛ حيث نصت "الملتزمون معًا بدين تجاري، يسألون على وجه التضامن، ما لم ينص القانون أو الاتفاق على خلاف ذلك"، إضافة إلى ما سبق، قنّن المشرع القطري مسألة الاكتفاء بإنذار المدين بورقة عرفية دون الحاجة إلى إعذاره بورقة من أوراق المحضرين، وهذا ما ثبت عليه العرف، حيث نصت المادة (81) على أن "يكون إعذار المدين أو إخطاره في المسائل التجارية بكتاب مسجل مصحوب بعلم الوصول، وفي حالة الاستعجال يكون الإعذار أو الإخطار ببرقية أو ما يقوم مقامها". الأعراف التجارية التعاقدية: هي عبارة عن الاتفاق الضمني أو الشرط الضمني الذي يفرض وجوده، بسبب اتباعه فترة طويلة من الزمن دون أن ينص عليه المشرع، فمصدره المجتمع نفسه، وذلك على خلاف الأعراف القانونية التي أصبح مصدرها القانون بذاته. والأعراف التعاقدية يحيل إليها المشرع في حالة عدم بيانه حكمًا خاصًا لمسألة معينة، أو تحل عندما تظهر حاجتها عند تطور أمور تجارية لم يضع المشرع حكمًا لها، فيأتي العرف ويجيب عنها بدل المشرع. ونضرب أمثلة لنصوصٍ أحال فيها المشرع إلى العرف، ومنها المادة (116)؛ حيث نصت على أنه "يكون الثمن مستحق الوفاء في المكان الذي سلم فيه المبيع، ما لم يوجد اتفاق أو عرف يقضي بغير ذلك...". ويحدد العرف السوق الذي تكون أسعاره سارية، وهذا ما جاءت به المادة (97/2)؛ حيث نصت على "... وإذا اتفق على أن الثمن هو سعر السوق، كان المقصود هو سعر السوق في المكان والزمان اللذينِ يجب فيهما تسليم المبيع للمشتري. فإذا لم يكن في مكان التسليم سوق. وجب الرجوع إلى سعر السوق في المكان الذي يقضي العرف بأن تكون أسعاره هي السارية". قد يتفق التاجران، أو المتبايعان على أن سعر السوق هو الذي يحدد ثمن البضاعة، فيثور السؤال، ما المقصود بالسوق المعنية هنا؟ جاءت المادة وحددت السوق الذي يقدر الثمن بناء عليه، وهي السوق الذي يكون في زمان التسليم ومكانه، أما إذا لم يكن في مكان التسليم أية سوق، فيجب الرجوع إلى سعر السوق في المكان الذي يقضي العرف بأن تكون أسعاره هي السارية. وتوجد أمثلة كثيرة وخصبة في القانون التجاري القطري قد أحال فيها المشرع إلى العرف لتحديد الحكم.