17 سبتمبر 2025

تسجيل

كلمة لابد منها

29 نوفمبر 2015

عندما يتطلع مجتمعٌ ما إلى التغيير ، فإنه بكل تأكيد يرغب في مجتمع خالٍ من الفساد، مجتمع ينتشر فيه مبدأ الإصلاح (فالإصلاح في اللغة هو إزالة الفساد)، ولن يأتي هذا التغيير إلا برغبة سياسية وشعبية متكاملة الجوانب ، مكافحة الفساد في المجتمع لن تكون إلا باحترام الآخر وحقوق الإنسان وحفظ الأمانة وحب الوطن، الذي من المفترض ألا يُراهن في مدى حبنا وخوفنا عليه، بل وأن نتكاتف جميعاً في الحفاظ على موارده والمساهمة في تطويره ونهضته. قرأت قصة رائعة متداولة فيها حكمة تغني عن الكثير من الخطب ، حيث يُحكى أن أحد حكام الصين قديما وضع صخرة كبيرة على طريق فأغلقه تماما، وأمر حارسا بمراقبتها من خلف شجرة ويُخبره بردة فعل الناس! مر أول رجل وكان تاجراً كبيراً في البلدة، فنظر إلى الصخرة باشمئزاز منتقداً، ودار حول الصخرة رافعاً صوته قائلاً : "سوف أذهب للحاكم وأشكو هذا الأمر لمعاقبة من وضع الصخرة" . ثم مر ثلاثة أصدقاء من الشباب الذين مازالوا يبحثون عن هويتهم في الحياة، وقفوا إلى جانب الصخرة ووصفوا من وضعها بالفوضوي، ثم رجعوا إلى بيوتهم. مضى يومان حتى جاء إنسان عادي من الطبقة الفقيرة ورآها، فلم يتكلم وبادر إليها مشمراً عن ساعديه محاولاً دفعها طالباً المساعدة ممن يمر، فتشجع آخرون وساعدوه، فدفعوا الصخرة حتى أبعدوها عن الطريق ، وبعد أن أزاح الصخرة وجد حفرة بها صندوق فيه قطع من ذهب وورقة تقول: "من الحاكم إلى من يزيل الصخرة، هذه مكافأة للإنسان الإيجابي المبادر لحل المشكلة بدلا من الشكوى منها" .. انتهت القصة وتبقى دروسها الإيجابية ، فارق كبير بين إنسان إيجابي يؤثر ويتأثر ، وآخر قابع في سلبيته ، فالإيجابي يفكر في الحلول، بينما السلبي يضخم المشكلات ويغرق فيها ، فحياتنا نصنعها بقدر إيجابيتنا ونظرتنا وتفكيرنا ، لهذا من المهم أن نبدأ التغيير . وهنا أذكركم بالحملة التي أطلقتها النيابة العامة الخاصة بمكافحة الفساد تحت شعار "أسمع أرى أتكلم" ، حيث من واجب كل الجهات في الدولة وأفراد المجتمع دعمها ومساندتها ، وعدم التستر على المفسدين ، بل وعدم انتظار أن تقع الفأس في الرأس ، فدائماً الوقاية أفضل الحلول واجتثاث الفساد منذ البداية خير من ألف علاج ، ولنتذكر أن الوطن أمانة والحفاظ عليه أمانة كبرى.