14 سبتمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); كان لافتا مطلع الأسبوع الماضي عقد الاجتماع الأول للجنة التي تعنى بجميع المواضيع المتعلقة بالشأن الضريبي في دول مجلس التعاون الخليجي. ورغم أننا لا نعلم عن خلفية تأسيس هذه اللجنة سواء أنها تأسست بقرار من وزراء المالية الخليجيين ورغم أن بيان اجتماعها ذكر مهام عديدة لها من بينها وضع الآليات المناسبة لتعزيز التعاون في مجال تحصيل الضرائب، وتوحيد الجهود لمكافحة التهرب الضريبي، لكنه ذكر أيضا أن اللجنة سوف تشرف على فرق العمل الفنية تعنى بفرض الضرائب بدول المجلس.ونحن نستوعب هذا الأسلوب الحذر في توضيح المهام الحقيقية للجنة وما سوف تعكف على دراسته خلال الأيام القادمة، لكن كافة المؤشرات تشير إلى دخول دول المجلس عهد جديد لعل أحد عناوينه البارزة هو فرض الضرائب، وقد بدأت ذلك بوضع تشريع موحد لفرض ضريبة القيمة المضافة.وتنصح دراسة لصندوق النقد الدولي دول المجلس بالبدء تدريجيا باستخدام "عدة المبتدئ" التي تتألف من ضريبة بمعدل منخفض على القيمة المضافة، وضرائب على الأرباح تطبق على كل الشركات المقيمة، وضرائب عقارية. وفي الوقت نفسه، يمكن لهذه البلدان أن تبني قدراتها الإدارية وخبرتها الضريبية، كما يمكنها البدء بالتخطيط لضريبة على الدخل الشخصي تتسم بالفعالية واتساع القاعدة باعتبار ذلك من أهم اللبنات التي تتألف منها العدالة في أي نظام ضريبي حديث.وقد أثارت دراسة الصندوق عددا من المواضيع المهمة حيث تبين أنه مع نمو السكان بنسبة 3.5% سنويا، فإن التحول في أسعار النفط نحو الانخفاض يمكن أن يؤدي إلى حدوث بطالة كبيرة في تلك الدول. وهذا يدفع دول المجلس لإعادة هيكلة بناها الاقتصادية بهدف تخفيف الاعتماد على النفط وخلق فرص عمل إضافية للقوى العاملة لديها في القطاع الخاص. وتشمل الخطط هنا تقليل دور القطاع العام علاوة على إدخال تعديلات على نظام الحوافز لتعزيز مشاركة القطاع الخاص وانتهاج سياسة إصلاحية لإيجاد نظام فعال وقادر على المنافسة على صعيد الاستثمارات العامة والخاصة وبين المستثمرين المحليين والخارجيين وكذلك رفع كفاءة النظام المالي وسوق المال إيجاد سوق عمالية منافسة. ويرى بعض الخبراء الاقتصاديين أن الدعوات الرسمية الرامية إلى الأخذ بنظام الضرائب هي دعوات مناسبة وتتم ضمن عملية تحضير الاقتصادات الخليجية لمرحلة أكثر تطوراً وتنوعاً وأقل اعتماداً على العائدات النفطية المتذبذبة صعوداً وهبوطاً وفق ظروف أسواق النفط العالمية، مما يؤثر على الإنفاق العام وعلى برامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية في دول المجلس.لكن على هذه الدول أن تأخذ بعين الاعتبار حقيقة مهمة تكمن في تحول دول المجلس خلال السنوات القليلة الماضية، وبالأخص بعد تطبيق التعرفة الجمركية الموحدة مع بداية عام 2003 إلى سوق خليجية موحدة، حيث لا ينفع معها تطبيق أنظمة ضرائب في إحداها دون الأخريات، ففي الوقت الحاضر لا يمكن من الناحية العملية تطبيق ضريبة القيمة المضافة على سبيل المثال في دولة خليجية واحدة دون غيرها، إذ سيؤدي ذلك إلى ارتفاع التكاليف وانتقال الأنشطة إلى البلدان الأخرى بحكم وحدة السوق الخليجية وغياب الرسوم الجمركية فيما بين دول المجلس. لذلك، فإن أي شكل من إشكال الضرائب، بما في ذلك الضرائب على الدخل لابد وأن يأخذ شكلاً خليجياً جماعياً.من جهة أخرى تشير تجارب مختلف بلدان العالم إلى أن نجاح أنظمة الضرائب في البلدان الصناعية المتطورة وقصورها وتدني أدائها في البلدان النامية يعود لأسباب عديدة. فنجاح نظام الضرائب يتطلب الكثير من الإفصاح والشفافية والمتابعة مع وجود أجهزة إدارية حديثة ومتكاملة. إلى جانب ذلك، يتوقع دافع الضرائب، كما هو الحال في أوروبا والولايات المتحدة واليابان الحصول على خدمات اجتماعية وبنيوية متطورة تتناسب طردياً مع ما يدفعه من ضرائب، إذ من دون ذلك يفقد نظام الضرائب أهميته ويفرغ من محتواه.إن الأصل في الضرائب أنها كانت تعتبر جباية يفرضها الحاكم على رعيته لتدخل خزينته الخاصة دون أن يسأله عنها أحد. وقد تطورت وظيفة الضرائب لاحقا لتمثل أحد مصادر دخل الخزينة العامة بهدف الإنفاق على الخدمات العامة كالرعاية الصحية والتعليم وإنشاء الطرق والسكك الحديدية وغيرها. بعدها تطور دور الضرائب لتؤدي وظائف جديدة حيث باتت تركز على الجوانب التنموية والاجتماعية، فهي باتت تعرف كإحدى أدوات السياسية النقدية التي تستخدم تارة في تحفيز النمو الاقتصادي أو كبح جماع التضخم أو تحقيق العدالة الاجتماعية. لذلك، فإن الحديث اليوم عن احتمالات فرض الضرائب بدول المجلس يجب أن يكون مرتبطا بتحديد أولا الأهداف التنموية والاجتماعية لفرض الضرائب ولا يجب النظر إليها كأداة لزيادة الإيرادات المالية فقط.