11 سبتمبر 2025
تسجيلليس منا شخص لا يطلب السعادة والرضا والسكينة ومحبة الناس والقناعة والأمن ولتلك أسباب ودرجات من عرف طريقها لن يضل أبداً وجميعها تجتمع في كلمة واحدة هي (الحكمة) التي هي ضالة كل واحد منا والتي هي سلوك ومنهج يعمل به فالحكمة ليست الذكاء وليست العلم ولا الخبرة ومقياس الحكمة في الأفعال والسلوك وأن تعرف حقيقة ما تقوم به هل هو فعل رباني أم شيطاني أي أن تقيس أفعالك وسلوكك مع الناس ومع بيتك وأهلك ومع نفسك على مقياس الحق والباطل والخير والشر فعندما يكون هذا مقياسك فأنت تسير في طريق الحكمة الذي هو منحة ربانية تأخذها على قدر استقامتك خلقاً وعملاً، فذاك رجل أمي لم يتعلم ولا يقرأ ولا يكتب ولكنه حكيم في أفعاله كريم في أخلاقه صادقاً في كلامه غنياً في نفسه سعيداً في حياته راضياً آمناً قد فاز بمحبة الناس. إن العقول والأقدام لا تزل إلا بفقد حكمتها في وزن أعمالها وأفعالها وأقوالها على ميزان الخير والشر الذي تتفاوت فيه الناس ولكن الحكمة لن تمنح من واهبها إلا عندما يرجح ميزان الخير لأعلى مستوياته فلا تلد النوايا إلا كل خير حينها تتدفق الحكمة قولا وعملاً دون تكلف أو استحضار لأن الله يقول (يُؤْتِي الحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ وَمَن يُؤْتَ الحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَمَا يَذَّكَّرُ إلاَّ أُوْلُوا الأَلْبَابِ). قليل منا من يفقه أن الحياة منهج وأنها (أي الحياة) لا تستوي لمن يخالف منهاجها وأنها تراكمات كلاً يبني الآخر وأن عناوينها لا تكتمل ما لم تحسن العمل في تفاصيلها والبناء لا يكون صلباً وجامداً على مدى السنين يستوعب تقلباته ما لم يكن بني بإحكام وترابط وكذلك هي الحياة فالعمل بناء والأخلاق بناء والتعامل مع الناس بناء وإخلاص النية وصدقها والإحسان والأمانة بناء، وكل منا يجتهد في تفاصيل ذلك ليبني حياة لا تهزها النائبات ولا تفسد سعادتها المنغصات يربي في جنباته مولود الحكمة الذي يكبر يوماً بعد يوم محصناً من أمراض العصر التي تفتك بنا دون أن نعلم فالحكيم عز وجل يقول (لا يزال بنيانهم الذي بنوا ريبة في قلوبهم إلا أن تقطع قلوبهم والله عليم حكيم) فكل منا لابد أن يعلم ماذا يريد أن يبني وأي مولود يريد أن يربي وأي حياة يرغب في عيشها، وكل خصيم نفسه وخبير بها ويعلم ما تضمر فبنيان الشيطان سيبقى ريبة في قلوب أصحابه والبنيان الرباني سيظل سكينة وأمناً وسعادة وخيراً مستمرا وسحابة تغيث صاحبها ويستظل بظلها. في رحم الحكمة تجعل العدو صديقا وتقابل المسيء بالإحسان وتعيش الفقر غناء والمعروف بذلا وعطاء ومجتمعنا اليوم في أمس الحاجة لأن نعيد له تعريف مفهوم الحكمة ونؤصل مفهومها قولا وعملا لتصبح هدفا يسعى لتحقيقه.