18 سبتمبر 2025
تسجيللم نكد نرتاح قليلا من كابوس الحوادث المروعة، الذي جثم على صدورنا وأقض مضاجعنا، حتى عاد الكابوس المفزع واطل برأسه المرعب، مرة ومرات، يتخطف شبابنا ليحيلهم جثامين هامدة وقد كانوا بيننا يضجون حيوية ونشاطا.الحديث عن ضحايا حوادث السيارات من شبابنا مؤلم موجع، فالشباب في كل مجتمع اغلى وأعز ثروة، وهم عماد البناء وركيزة الانجازات الكبرى، واساس عملية التنمية والانتاجية في شتى المجالات، محزن ومثير للاسى واللوعة توالي انباء عن وفيات من الشباب تلوح تحت ذات العبارة المؤلمة "إثر حادث اليم"، شباب في مقتبل العمر وعمر المستقبل، يتساقطون صرعى خلف مقود السيارات وتحت عجلات الموت. كلما اقتربت الاجازات الاسبوعية ومواسم الاعياد والتخييم او حانت، وفي غمرة بهجتنا بالغيث المبشر تزامنا مع الوسمي، تدهمنا رسائل الفقد واخبار الالم عن شبابنا قتلى حوادث المركبات بانواعها فتحيل فرحتنا الى احزان وبهجتنا الى حرقة ومأساة، وما زلنا نفجع بشباب وفتية كانوا لأهلهم محط الأنظار ومبعث الامال والطموحات الجميلة، فاذا بهم اجساد مسجاة تقلهم سيارات الاسعاف الى المشفى ثم تحملهم الى المقابر في مشهد الموت الرهيب، شباب وفتيان طلعاتهم بهية وابدانهم غضة ندية، يشيعهم اهلهم ومحبوهم فيوارونهم الثرى ويعودون محزونين تخنقهم العبرات وتجيش صدورهم بالمرارة واللوعات.لايكاد يمر اسبوع واحد الا ونفجع بواحد او اكثر من هؤلاء الشباب، نفقدهم في لحظات كلمح البصر، وهم الذين يشكلون اعلى نسبة في عدد سكان الوطن، فكيف نحافظ على هذه المزية الفريدة وشبابنا يتنافسون على حلبات الموت الزؤام في الشوارع والطرقات وغيرها من المواقع، يتهافتون على مصارعهم كما يتهافت الفراش على وهج النار. وكم نعجب من حال الذين يشاهدون اصحابهم واقاربهم من ضحايا الحوادث وقد يكونون من الناجين بينهم فلا يعتبرون او يزدجرون، بل يصرون على السرعة والاستعراض رغم اكتظاظ السيارت من حولهم واعمال الحفر والبناء والتحويلات المباغتة، وقد عد نفر من العلماء تعمد السرعة بالسيارات والتهور في القيادة نوعا من الانتحار والعياذ بالله، حفظ الله ابناء المسلمين جميعا، بينما يعتبر القانون تعمد تجاوز اشارة المرور الحمراء شروعا في القتل، ورغم ذلك مايزال كثير من شبابنا — هداهم الله — متهورين طائشين احالوا السيارات من وسائل نقل الى وسائل تدميروقتل، يرفضون النصيحة ويخالفون القانون في استهتار واضح فاضح!! ورغم ما يثيره شبابنا في انفسنا من سخط وانزعاج شديدين الا اننا في الوقت ذاته نرثي لحالهم ونشفق عليهم اذا فكرنا في احتمالات وقوعهم ضحايا تلك الحوادث القاتلة. ازاء هذه الماساة المؤلمة يجب ان نكثف جهودنا ونفعل ادواتنا ونؤدي دورنا بجدية تامة كل في محيطه ومسؤوليته لانقاذ من تبقى من شبابنا وحمايتهم من مخاطر حوادث السيارات وحتى ما يعرف بالسكوترات والبطابط في البحر وعند الشواطئ ونحن نستقبل موسم التخييم وما يواكبه من احداث..على ان تدعم هذه الحملة الوقائية الوطنية اجراءات رادعة تتصدى بحزم وصرامة لكل من يتلاعب بالمركبات ويتجاوز السرعات المحددة، وان نعمل جاهدين في توجيه قدرات شبابنا وطاقاتهم بطريقة ايجابية تعود عليهم بالنفع والفائدة والانجازات البناءة، فلا جدوى من التمني والنوايا الطيبة بدون عمل ملموس ومؤثر، عزاؤنا لكل اسرة فقدت عزيزا من ابنائها في حوادث السيارات نسأل الله ان يرحم الموتى ويسكنهم فسيح جناته ويحسن عزاء اهلهم، وذويهم ويحفظ شباب المسلمين جميعا من كل سوء ومكروه. وفي هذا الصدد نؤيد وزارة الداخلية في تشديد عقوبة من يلتقط او ينقل صورا لمصابي وضحايا حوادث السيارات، واقول لاولئك العابثين الذين يتخذون من مصائب الناس وفواجع الحوادث تسلية ومادة يتسابقون على عرضها عبر وسائل التراسل والمحادثات: اين عقولكم وكيف تبلدت مشاعركم وهل تصورتم انفسكم مكانهم، ومتى تعتبرون؟!