16 سبتمبر 2025
تسجيلما من شك أن الحصار الجائر ألقى بظلاله وتداعياته على الكثير من الجوانب المتعلقة بالمواطن القطري سواء على المستوى الاجتماعي أو حتى على المستوى الاقتصادي، أو على المستوى الاجتماعي، وكما هو واضح قطع أواصر وصلات القرابة بين الشعب القطري وأشقائهم في الدول المحاصرة. أما ما يتعلق بالجانب الاقتصادي فيتمثل بأملاك وعقارات ومواشي المواطنين القطريين في تلك الدول، والتي اعتبرتها تلك الدول مُصادرة أو متوقفة التصرف حتى إشعار آخر مرتبط بما ستتمخض عنه المصالحة الخليجية، التي بات من المؤكد أنها تريدها وفق أهواء من صنع هذه الأزمة وسعى في إطالة أمدها!. من الفئات المتضررة من هذا الحصار الجائر أصحاب المواشي من الإبل والغنم، والذين شاهدنا كيف تكبدوا المغامرة والمخاطرة، في سبيل إدخالها لقطر بعد الإجراءات التعسفية التي مارستها عليهم سلطات دول الحصار، وتابعنا كيف فقد الكثير منهم من حلالهم أثناء إجبارهم على إدخالها عبر بوابة واحدة، وبطريقة فوضوية غير منظمة أدت إلى اختلاطها وتعثر الكثير منها، مما أدى إلى موت الكثير منها وسط حسرات وألم ملاكها، الذين آثروا أن يحدث مثل هذا السيناريو على ملاقاة الذل والإهانات من سلطات دول الحصار. وكلنا نتذكر تلك اللفتة المباركة من خلال الأوامر الكريمة التي أمر بها صاحب السمو أمير البلاد المفدى، بدعم فوري لهؤلاء المتضررين من خلال إرسال الماء والأعلاف لإنقاذ حياة الآلاف من الحلال وتخصيص مواقع وعزب تؤويها، وهو الأمر الذي خفّف على أصحاب الحلال المتضررين أهوال ما حدث في أيام أزمتهم، أثناء نقل مواشيهم وخسارتهم للكثير منها. ومنذ ذلك التاريخ وأصحاب الحلال في تحديات كبيرة، ولاسيما في ظل تقييد حركة تنقل حلالهم، بالنظر إلى مساحة قطر بالإضافة إلى تخصيص مساحات كبيرة، إما لمحميات طبيعية أو أراض تتبع المنشآت النفطية، وبالتالي لا يُسمح لهم بتاتاً بتجاوز هذه الإجراءات، وقد التزموا بها رغم أن فطرة حلالهم لا تعترف بالقوانين ولا الإجراءات الحكومية، حيث تعودت على أن تسرح وتتبع غريزتها الحيوانية أينما وجّهتها في أرض الله الواسعة، هذه القيود اضطرت مُلاك وأصحاب الحلال إلى بناء عزب في أراضٍ لا تنتهك قوانين البيئة ولا تخترق حدود المنشآت النفطية، حالهم حال من سبقهم من عشرات السنين، وبنوا وعمّروا عزباً وساهموا في إثراء الثروة الحيوانية، وكانوا وما زالوا داعمين لجهود الدولة في حماية الحياة الفطرية، وكيف لا يحمونها، وهم أعرف الناس بما تُنبته هذه الأرض ويعشقون كل حبة تراب من ترابها. يعاني أصحاب وملاك الحلال منذ فترة زادت وتيرتها هذه الأيام من إجراءات وزارة البلدية والبيئة، من خلال توجيه مخالفات وأوامر إزالات التي للأسف طالت عزبهم التي خسروا عليها مئات الألوف من الريالات، بدعوى أنها غير مرخصة، دون أن تضع الوزارة حلولاً بديلة لهم، ودون مراعاة لحقوق أصحاب هذه العزب، الذين أُغلقت في وجوههم الأبواب وتكرّر معهم ما حدث أثناء بداية أزمتهم مع الحصار. كان من الأجدى على الإخوة في وزارة البلدية والبيئة قبل أن يُقدموا على تنفيذ هذه الإجراءات غير المنصفة أن يقدموا حلولاً، لاستيعاب أصحاب هذه العزب الذين لم يجدوا من يستمع لهم ويلبي احتياجاتهم المشروعة، فما دامت الوزارة حتى الآن لم تصرف منذ سنوات عزباً لأصحاب المواشي والإبل، فماذا تريد من هؤلاء المتضررين بقرارات الإزالة أن يفعلوا؟!. وهل قُدّر لأصحاب هذه العزب أن يكتووا بقرارات غير مسؤولة كما اكتووا بطرد حلالهم من دول الحصار لأن جريمتهم أنهم قطريون؟!. نأمل من وزارة البلدية والبيئة أن تراجع قرارها هذا وتُنصف أصحاب الحلال المتضررين من خلال توزيع أراضٍ لهم في مجمعات مخصصة لحلالهم في مناطق جديدة متعددة في الشمال والغرب والجنوب كمنطقة سودانثيل على سبيل المثال، والتي تعد من المناطق المهجورة منذ عقود، بعد أن تم إلغاء مركز الحدود سودانثيل، وتكون بذلك أصابت عصفورين بحجر منها أنها عالجت مشكلة أصحاب العزب العشوائية غير المرخصة وأوجدت لهم مكاناً مناسباً يستوعب حلالهم، ومنها أنها عمّرت المنطقة وأعادت لها الحياة وأحيت الثروة الحيوانية والحياة الفطرية، وحتماً ستحتاج هذه المناطق إلى العديد من الخدمات المرتبطة بالثروة الحيوانية كأسواق لبيع الأعلاف والمواشي والمسلخ والجمعيات، ولا يمنع ذلك من تشجيع المزارعين على زراعة الأراضي المحاذية للحدود، وبالتالي زيادة رقعة الأراضي الزراعية ومعالجة مشكلة التصحر وتوفير منتجات زراعية محلية تزيد من المخزون الزراعي في الدولة، وبذلك ستكون لدينا مناطق نموذجية متكاملة وممهدة، لأن يصل إليها التمدد العمراني، وهو ما يُعد من المقومات التي تعزز أمن وسلامة حدودنا البرية من أي مخاطر محدقة بها لا سمح الله. فاصلة أخيرة الدولة تولي اهتمامها ورعايتها بالثروة الحيوانية والفطرية، ولكن هنالك من يسيء استخدام سلطته ويقف حجر عثرة أمام هذه الأولويات والمبادئ!. [email protected]