10 سبتمبر 2025
تسجيل# اتفاق مولوتوف أطل برأسه في الأزمة الخليجية وعدم الشعور بالأمان من الأشقاء "لم يعد خياراً" # ما ظهر على البعض في العلن "عار وفُجور" فكيف بما يحملونه ضد قطر وقادتها وشعبها في الخفاء في مدينة كوكارا الروسية ولد الروسي ميخائيل مولوتوف، والذي يعتبر في الأدبيات السوفيتية أحد المناضلين في حزبها الشيوعي، فقد اعتقل كثيراً من أجل أفكاره، وقدم لبلاده الكثير، له ذكريات كثيرة، فهو الذي قرأ خطاب إعلان الحرب على ألمانيا النازية، وهو الذراع القوية لستالين، وهو الذي قاد محاولة الإطاحة بخروشوف، وكان وزيراً للخارجية ورئيساً للحكومة. لكن ما يذكره التاريخ السوفيتي من مجد لمولوتوف، هو نفسه الذي يذكره الروس له اليوم من عار، ففي الثالث والعشرين من أغسطس عام 1939 وقع الاتحاد السوفيتي مع ألمانيا النازية اتفاق مولوتوف - ريبنتروب، وهي معاهدة عدم اعتداء تنص على بقاء كل طرف في حالة حياد إذا تعرض لهجوم من طرف ثالث، إلى هنا والأمر جميل، لكن كان هذا المعلن، والحقيقة أن الاتفاق كان يحمل بنوداً سرية "بروتوكولا سريا" يقسم شمال وشرق أوروبا إلى مناطق نفوذ سوفيتي وألماني. وبناء على ذلك قامت ألمانيا النازية بعد عشرين يوماً تقريباً من توقيع الاتفاقية بمهاجمة بولندا والسيطرة على أطراف منها، وبعدها بـ 16 يوماً قام السوفيت بمهاجمة بولندا والسيطرة على الجزء الباقي، واقتسم كل طرف البلد وأخذ ما يريده، ثم قامت السوفيت باحتلال ليتوانيا ولاتفيا وأستونيا وبيسارابيا وفنلندا. وبقيت هذه الاتفاقية الغريبة سارية حتى قامت ألمانيا النازية بعد سنتين في إعلان الحرب وغزو روسيا. اتفاق مولوتوف بالضبط هو ما حاولت دول الحصار فعله مع قطر والخليج، اتفاقيات علنية على مصالح مشتركة، واتفاقيات سرية في جزر بعيدة ومكاتب سرية للسيطرة على قطر ومقدراتها ومن ثم السيطرة على دولة خليجية أخرى. لقد كانت نية دول الحصار منذ اليوم الاول تقاسم "الأرض القطرية" والسيطرة على خيراتها، وفي الحقيقة هذا حلم قديم تجدد، تسعى له دول الحصار أو بعضها بشكل مستمر ودائم، منذ عقود طويلة، وتتجدد محاولة غزو قطر في كل مرة، وهي في الحقيقة عقلية راسخة تشبه تماماً العقلية الشيوعية الروسية، على الرغم من أن سيد القوم المخطط لغزو قطر "أمريكي". وجدير هنا أن نذكر أن الاتحاد السوفيتي بعد 50 عاما من اتفاق مولوتوف أدان نفسه ورفض الاتفاقية، وذلك خلال فترة إعادة الهيكلة التي سميت البيريسترويكا والتي قادها الرئيس الروسي ميخائيل غورباتشوف، لكن غورباتشوف ورغم إدانته للاتفاقية رفض القول إن الاتحاد السوفيتي قام بغزو دول البلطيق وقال إنها جزء من الاتحاد. هذه العقلية هي نفسها المتوارثة في دول الحصار، التي تشعر أن قطر كانت جزءا من أراضيها ويجب أن تعود إليها، وتتعاقب الأجيال وتتوالى محاولات الاحتلال بشكل مختلف لتحقيق نفس الهدف. ما قاله نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الدكتور خالد العطية في لقاء "المسافة صفر" على قناة الجزيرة ليس للإثارة الإعلامية، ولكنه للتاريخ، الذي يجب أن يتوارثه القطريون، ويعرفوا أنهم لن يهنؤوا يوماً بالأمان طالما أن عقل "أشقاء الماضي" يحلم بالسيطرة على بلادهم. إن فكرة عدم الشعور بالأمان من دول الحصار يجب أن تظل قائمة، حتى لو وجدت هذه الأزمة طريقها للحل، فالقوم الذين يظهرون في العلن كل أمر مخز ومعيب ولا أخلاقي دون خجل أو خوف، لا يؤمن لما يبطنونه في الخفاء لنا، وعلينا أن نكون حذرين مما يخفونه أكثر مما يظهرون. ورحم الله الشاعر الكبير معروف الرصافي الذي كتب يوماً فقال: لا يخدَعنْك هِتاف القوم بالوطن فالقوم في السر غير القوم في العَلَن فما لهم غير صيد المال من غرضٍ في اليوم والغد والماضي من الزمن لا نحتاج لدلائل إضافية، فالموجود يكفي ليدين دول الحصار بالعار الذي كانت تفكر فيه، والذي سيظل أبد الدهر، كما أننا لسنا بحاجة لاستشراف المستقبل لإصدار الحكم، فقراءة التاريخ كافية، مجرد البحث في الذاكرة الطويلة للفرد عن الوقائع والمعلومات تجعلنا قادرين على أن نصدر الحكم على مثل هذه التصرفات. هي ليست مراهقة سياسية، وليست وليدة اللحظة، وليست رد فعل أو فعلا طائشا، هي حلم سيبقى في عقول الطغاة، لن يتحقق أبداً بإذن الله، بتكاتف أهل قطر، وبحرصهم على ألا تكون لهم ذاكرة قصيرة، تنسى كل شيء وتتسامح بالمطلق مع أول يد "لا تقوانا، فتصافحنا". الحقيقة المرة.. أن علينا أن نكون في حالة رباط دائم.. تفادياً لطعن "الأشقاء". [email protected]