11 سبتمبر 2025

تسجيل

المسافة صفـر

29 سبتمبر 2020

كانت المسافة أميالاً في أن نفهم حقيقة ما بعد حصار قطر مباشرة، وفي برنامج المسافة صفر، الذي بثته قناة الجزيرة مساء يوم الأحد الماضي اتضح كل شيء، فالحكاية كانت عبارة عن مخططات وتخطيط، ومؤامرات وتآمر لأجل غزو قطر، وقبل كل هذا أتعرفون ماذا تعني كلمة غزو بمفهوم دول الحصار؟، غزوهم كان يعني اقتحام جيوشهم عنوة لحدود دولة قطر، وقتل كل من يعترضهم من قوات الحدود القطرية، والتهجم على كل كائن حي يعترض طريقهم إما بالاعتقال أو القتل، ومحاولة فرض سيطرتهم الكاملة على كل المناطق الحيوية الاقتصادية والعسكرية والوزارية، والهيمنة على قصر الحكم، وإعلان الدولة تحت حكمهم وإسقاط النظام، وقتل الآلاف واعتقال أمثالهم، واعتبار الدولة تابعة لهم، وإسقاط اسم قطر من الدفاتر التاريخية والإقليمية والدولية وكأن لم تكن، ثم فرض سياستهم ومنظومتهم وخططهم واعتبار بلادنا بلاداً محتلة تخضع لسياسة احتلال قد لا يلقى له أي مجلس تعاون ليستنكر، أو جامعة عربية لتدين، أو عالما ليشجب للأسف إلا من عُدّو في هذه الأزمة، أصدقاء وحلفاء قطر الأمناء الصادقين. الآن وبعد أن قربت لكم فكرة غزو قطر بالصورة (التفاؤلية) التي شرحتها بأسلوبي البسيط أعلاه، باعتبار أن الأسوأ بكثير كان يمكن أن يحدث لولا لطف الله وعنايته بنا، ثم بفضل يقظة هذه القيادة الشجاعة، ومؤسسات الدولة العسكرية القوية، فالتصريحات التي صدرت عن سعادة وزير الدولة للدفاع الدكتور خالد بن محمد العطية، لا يمكن المرور عليها مرور الكرام، وإن كنت أرى في مواقف قطر مع دول الحصار، مواقف كريمة تدل على العلو والرقي الذي تتعامل به الدوحة مع الأزمة المفتعلة ضدها، فقد أوضح سعادته بصورة شبه تفصيلية ما كان سمو أمير دولة الكويت شفاه الله وعافاه الشيخ صباح الأحمد الصباح قد ذكره إجمالاً في لقاء له في البيت الأبيض، بحضور الرئيس الأمريكي ترامب في واشنطن، في أنه استطاع شخصياً إيقاف الغزو على قطر، وهذا أمر كان بمثابة صدمة كبيرة لنا داخلياً، ذلك أن الفكرة بحد ذاتها مثلت لنا تعدياً صارخاً على سيادة بلادنا وقيادتنا وشعبنا وأرضنا، ولم نكن نتوقع في أسوأ الظروف، أن تمثل خلافاتنا الخليجية سبباً وقحاً وتعدياً فاجراً، لأن تغزو ثلاث دول خليجية جارتها الخليجية المجاورة، وتقتل الناس فيها وتقلب نظام الحكم وتسيطر على موارد الثروات على أرضها، ثم ترى من هذا الأمر أنه أمر عادي، وتخرج للعالم وتبرر بالعبارات الطفولية التي تقولها منذ افتعال الأزمة بأن قطر تدعم الإرهاب!. ورغم أن سعادة الوزير لم يفصل كثيراً، لكنه أعطى صورة كاملة لما كان ضمن مخططات هذه الدول ضد قطر، وجعلنا في قلب الحدث لما كان يمكن أن نعيشه إذا كُتبت لنا حياة لنروي تفاصيله اليوم، فهل هذا هو أمر عادي أم أنه جلل جلل؟!، في رأيي أن ما أجمله سمو أمير الكويت وفصله سعادة وزير الدولة للدفاع القطري، جعلنا على يقين بأننا يجب ألا نلدغ مرة أخرى، وأن علاقاتنا مع هذه الدول فيما لو أُعيدت بلورتها دون شروط وبرفع الحصار، كما أشار لذلك سمو أمير البلاد المفدى في خطاباته السامية المعبرة عن موقف قطر الثابت من الأزمة، يجب أن تتشكل بحسب ما كان من هذه الدول وهو ظاهر ومعلوم، وليس بحسب ما سيكون وهو في علم الغيب لا يعلم به سوى الله، ولا شك أن قيادتنا وحكومتنا لها نظرة فيما ستفعله، تماما كما كانت لها يد الحكمة في إدارة الأزمة منذ افتعالها وبداياتها، ونحن محظوظون بهذه القيادة التي ظلت بيننا طوال الأشهر الأولى الطويلة للحصار تنأى عنا بعد الله غزواً مهيناً، وبعد أن عهدت بنا وببلادنا في أمان رب العالمين ثم حماية قواتنا الباسلة وأجهزة الأمن المتيقظة، سافرت وجالت العالم لتنقل علاقاتها من علاقات الجغرافيا التي غدرت بنا، إلى علاقات جيوسياسية كانت أقوى وستظل هي الأوفى بلا شك. ‏[email protected] ‏@ebtesam777