20 سبتمبر 2025

تسجيل

خطاب حماسي.. ولكن!

29 سبتمبر 2011

لا يختلف اثنان على عاطفية وحماس خطاب الرئيس عباس في الأمم المتحدة, من حيث طرح معاناة الشعب الفلسطيني منذ ما يقارب الثلاثة وستين عاماً, أو من حيث سرد الجرائم الإسرائيلية منذ النكبة واقتلاع الفلسطينيين من وطنهم, وصولاً إلى العدوان الصهيوني المستمر على الفلسطينيين في هذه المرحلة، والتطرق إلى الاستيطان وبناء الجدار العنصري العازل, والاعتداءات وهدم الأراضي والبيوت والاغتيال والاعتقال، بحيث كان 23 سبتمبر يوماً فلسطينياً بامتياز في الأمم المتحدة , حيث صفّق الحاضرون وقوفاً وطويلاً لرئيس فلسطين، الأمر الذي يشي بمدى الدعم الكبير الذي يكنه المجتمع الدولي للفلسطينيين ولعدالة قضيتهم الوطنية, ومدى تفهمه لنضالهم من أجل انتزاع هذه الحقوق من بين براثن وأنياب العدو الصهيوني. هذه القضايا كان من الضروري أن تقود إلى نتائج معاكسة لما خرج بها الرئيس. لقد تطرق الرئيس عباس إلى سبع نقاط حددها في الصراع، وسنقوم بالرد عليها ولو بشكل مختصر. أولا : إن قرارات الشرعية الدولية تحدثت عن تقسيم فلسطين في القرار 181، الذي دعا إلى إقامة دولة فلسطين على أكثر من ضعف مساحة الـــ22% (على 46%) التي يطالبها الرئيس، كان المنطق أن يطالب الرئيس بتطبيق القرار الدولي آنف الذكر, وبخاصة أنه يعي ويدرك أن إسرائيل ترفض إعطاء الفلسطينيين الضفة وغزة دون مستوطنات أي ترفض حتى دولة فلسطين على 22% من مساحة فلسطين والتي لا تزيد حاليا بالمعنى الفعلي على 8 -10% من مساحة فلسطين بفعل الاستيطان. ثانياً: هناك فارق كبير بين المقاومة المشروعة التي شرعتها الأمم المتحدة في قرارات واضحة بما فيها الكفاح المسلح وبين العنف والإرهاب, الذي نبذه الرئيس. إسرائيل هي التي مارست الإرهاب ولا تزال, ونحن نمارس مقاومة مشروعة, بالتالي فلا مجال للمقارنة بين قضيتين مختلفتين تمام الاختلاف. ثالثاً: لقد أعلنت إسرائيل وفاة اتفاقيات أوسلو ودفنها، حين قام شارون بإعادة اجتياح المناطق الفلسطينية المحتلة، كما أن رئيس الوزراء الصهيوني الحالي نتنياهو أعلن موت هذه الاتفاقيات من جديد, بتنكره لكل نصوصها على علتها وبالرغم من الظلم الفادح الذي ألحقته وتلحقه بالحقوق الوطنية الفلسطينية، بالتالي كان من المفترض في الرئيس الفلسطيني استغلال موت الاتفاقيات بالإعلان الإسرائيلي عنه, ليؤكد انسحاب الجانب الفلسطيني منها. رابعاً: أما خيار الرئيس تمثل بالعودة إلى التفاوض, لذا فهو إصرار على اتباع نهج العبثية والعقم وإعطاء إسرائيل الفرصة للمزيد من المناورة التي قد تستمر لعشرين سنة أخرى أو ما يزيد. من الخطأ تكبيل الجانب الفلسطيني بخيار التفاوض في الوقت الذي يمتلك فيه خيارا أكثر تأثيراً على إسرائيل, وهو خيار المقاومة بكافة أشكالها ووسائلها وتحديدا المسلحة منها. خامساً: كان من المنطقي أن يصب حديث الرئيس في ضرورة عزل إسرائيل لعنصريتها البشعة تماما مثلما جرى للنظام العنصري في جنوب إفريقيا ولشبيهه في روديسيا . سادساً: ولماذا الحرص الفلسطيني على الدعوة إلى قيام تعاون بين دولة فلسطين العتيدة ودولة إسرائيل, فهذه قضية مرهونة بالمستقبل بعد إقامة الدولة الفلسطينية ومرهونة بالنوايا الإسرائيلية تجاه هذه الدولة العتيدة. سابعاً: أما خلط الرئيس بين ما يريده من سلام يضمن الحقوق الفلسطينية على أساس مرجعية الشرعية الدولية وبين مرجعية اللجنة الرباعية الدولية، هو خلط خاطئ, ذلك أن المرجعية الوحيدة التي يمكن أن تستند إليها الحقوق الوطنية الفلسطينية هي: قرارات الشرعية الدولية (الأمم المتحدة) الواضحة تمام الوضوح فيما يتعلق بالحقوق الوطنية الفلسطينية. الدولة الفلسطينية هي ليست منّة من إسرائيل بل هي حق فلسطيني. كان من المفترض بعباس الاستقواء بالربيع العربي من أجل تصليب الموقف الفلسطيني ليس على صعيد المطالبة بالتفاوض, وإنما بالعودة للمقاومة. يبقى القول: إن الصراع في طريق العودة إلى مربعه الأول، فمن المنطقي والطبيعي بعد خطاب نتنياهو في الأمم المتحدة أن لا يتم السلام مع هذه الدولة, وأن الحديث فقط يجب أن يدور حول إزالتها. [email protected]