20 سبتمبر 2025
تسجيلعلى مدى 12 عاماً من الثورة السورية، والشعب السوري ما فتئ وهو يقدم الدليل تلو الدليل في ملحمة قلّ نظيرها في العصر الحديث، على أن الرهان فقط وفقط على الشعوب وأشواقها في الحرية والعدالة والمساواة، وأن الرهان على الاستبداد خاسر، بل ومكلف جداً لكل من دعمه وسانده، ونحن نرى اليوم بعد هذه السنوات العجاف على الاستبداد وداعميه أنهم لم يجنوا بدعمهم ومساندتهم للنظام وميليشياته، سوى الحنظل، بينما الشعب السوري لا يزال يقدم النماذج في الصبر والمصابرة والمرابطة على انتزاع حقه بالحرية والمساواة. فشل عملية التطبيع التي كانت على ما يبدو آخر محاولات تعويم النظام السوري إقليمياً تمهيداً لتعويمه دولياً، قوبلت بكبر وعجرفة وغرور من قبل النظام الذي تعامل مع كل من سعوا إلى تعويمه والتطبيع معه بعقلية ما قبل الثورة السورية، وكأن شيئاً لم يكن، ولم يحدث طوال هذه الفترة الماضية، وكأن سوريا لم تعانِ أصلاً من زلازل قضت على مليون شخص، وشرّدت أربعة عشر مليونا آخرين، ومعه دمار أكثر من 70 % منها، ولا يزال النظام السوري في حالة إنكار رهيبة للواقع الذي وصلنا إليه جميعاً. النظام السوري الذي أرسل رسائله السلبية التي يتقنها على مدى نصف قرن من حكم آل الأسد، لدول الجوار، طوّر ورقّى من هذه الرسائل السلبية فرفع المستوى من طائرات مسيرة محملة بالكبتاغون إلى مسيرات محملة بالأسلحة والذخائر والمتفجرات عبر طائرات الدرون إلى الأردن، وهو الذي أغرق الأردن بالمخدرات والكبتاغون، وجعل منها محطة ترانزيت إلى السعودية والخليج بشكل عام، فضلاً عن إرسال هذه السموم إلى دول الخليج، ولم تنفع محاولات البعض في ثنيه عن تصدير الكبتاغون مقابل تقديم مساعدات مالية له، ولكن كيف له أن يتخلى عن هذه التجارة وهي التي توفر له المليارات من الدولارات دون أي رضوخ أو تنازل منه للشعب أو للدول الضاغطة عليه. الجديد في عالم تجارة الكبتاغون هو العثور على معامل لصناعة هذه السموم في ألمانيا وبريطانيا، ليتبين أن المواد الأولية قادمة من سوريا، وكذلك من يدير هذه المصانع، وهو الأمر الذي يؤكد أن النظام ليس هدفه فقط العالم العربي والخليجي، وإنما يسعى إلى التمدد في تجارته هذه بعد أن لمس عائداتها الضخمة، وهي التي تعوّضه عن التعفيش والتراجع الاقتصادي الذي حلّ بالبلد بعد الكوارث التي قادها إليه. ومع توقف المبادرة العربية، وتوقف التطبيع مع عصابات الأسد، برز حراك السويداء، وهو الحراك الذي له دلالات خطيرة ومهمة، فالسويداء ليست إدلب حتى يقوم المحتل الروسي وعملاؤه الأسديون بقصفها وقتل أبنائها، وتجدد مع حراك السويداء المظاهرات التي اندلعت في إدلب، ودرعا وحتى في بعض أحياء حلب وريف دمشق، مما أكد عنفوان وقوة جذوة الثورة السورية لا سيما مع ظهور أخيراً بعض الكتابات القوية المنددة بالنظام على جدران بلدات ريف دمشق، كل هذا عنى بشكل واضح وجلي أن الثورة فكرة، وهي لن تموت مهما بطش النظام وداعموه، ومهما تراجع دعم الأصدقاء عن هذه الثورة. المطلوب على مستوى الثورة هو تعميق الصلة مع أحرار السويداء، فحراك اليوم في السويداء ليس كسابقاته، والدليل هو سقف الشعارات، ودخول شيوخ العقل الدرزي على خط المظاهرات، بالإضافة إلى تصعيد التعامل مع النظام إن كان بتمزيق صور الأسد، أو بخطف عماله لمبادلتهم مع ناشطين معتقلين لدى النظام، ومثل هذا يعني بوضوح أننا أمام استحقاق ربما يكون قريباً، يدعونا جميعاً إلى الاستعداد له.