27 أكتوبر 2025

تسجيل

الديمقراتورية العربية !

29 أغسطس 2023

هل باتت الديمقراطية العربية في خطر أن تتهاوى أو تتحول لديكتاتورية مغلفة برقائق الديمقراطية الصورية أم أننا فعلا لم نعرف ماذا تعني الديمقراطية بشكلها الواضح وأسلوبها الصريح؟! وإن كنت أريد أن أطلب من أحدكم أن يُعرّف لي معنى الديمقراطية فإنني أود حقا أن أسمع وأقرأ وأطّلع على مفاهيمكم حول هذه الكلمة المتشعبة التي نتداولها لكني أشك فعلا في أننا أو معظمنا يفهم حقيقة ماذا تعني الديمقراطية التي بلا شك لا يتمتع بها أي بلد في العالم بصورتها الكاملة والواضحة!. لا أخفيكم فبعد الأحداث الأخيرة التي طرأت على بعض الدول العربية التي ضم تاريخها ثورات شعبية جارفة سألت نفسي من حينها إن كانت الشعوب تقوم بالثورات للتخلص من القهر والظلم وبالمعنى الواسع الديكتاتورية وبغية ترسيخ مفهوم الديمقراطية في البلاد لإرساء مفهوم العدل بين فئات الشعب وتوزيع ثروات البلاد فلماذا لا يتحقق هذا الهدف حتى بعد نجاح الثورة بالمفهوم الشعبي الذي قام أصحابه بالنزول في الشارع وإطلاق الصيحات المدوية الغاضبة وضحوا براحتهم، وفي كثير من الأحيان بأرواحهم في سبيل باقي الشعب لينعم بالحرية لاحقا وبين قوسين الديمقراطية التي سوف تأتي بعد انقشاع الغيوم السوداء لديكتاتورية هذا الحاكم أو ذاك وربما تتحول وعود من يداهن هذا الشعب بأنه معهم في ثورتهم وقد كان من بين الذين ضحى لأجل نيل هذه الحرية وسوف يعمل بالتأكيد على إرساء مفهوم الديمقراطية الكاملة حين يتسلم منصبا في الدولة لأنه يشعر بما شعر به الملايين غيره وهم يدكون بأقدامهم شوارع البلاد مطالبين بأن تنجلي هذه الحقبة الزمنية عن بلادهم وأنه آن للشمس أن تشرق بنور الحرية عليها؟! لم تتغير الأهداف وتتبدل النوايا بل ويشوبها شيء أشبه بالغدر في شعب وثق بهذا وأعطى صوته لذاك ثم فجأة وحين يئن كرسي الرئاسة من ثقل الرئيس ويبدأ في البحث عن واجهته التي سوف يبدأ بها رحلة مسؤولياته فإنها سرعان ما تتحول لمصالحه التي تتطاير بعيدا عن أماني الشعب التي كانت في مخيلته وترسو سياسته الجديدة البعيدة كل البعد عن كل ما أوهم الشعب به والتي يغلفها ببضع عناوين الديمقراطية البراقة ليعطي شرعية لوجوده وأنه بلا شك أفضل من سابقه وتمر الأيام والأعوام وتعود البلاد إلى المربع الأول الذي اشتكى منه الشعب في أن الثورة كانت للتخلص من ديكتاتورية حاكمة وجلب ديكتاتورية حاكمة أخرى وكأنك يا أيها الشعب لم تثر ولم تمت ولم تصرخ ولم تستعض عن راحتك في بيتك باتخاذ الشارع بيتا لك ولم تتخلص من ظلم فتأتي بآخر لم يكن لتحلم أنه يمكن في يوم من الأيام أن يكون وبالا أنت سقته لنفسك للأسف. هذه بالفعل ما باتت عليه بعض أصناف الديمقراطية العربية التي تتخلص من ثوب وتلبس آخر أشد ديكتاتورية في باطنه ولا يعلم أي شعب من هذه الشعوب إن كان عليه أن يبقى تحت جلباب الحكومة المخلوعة أفضل وأكثر راحة من ديكتاتور جديد لبس يوما ثياب الورع والحرية وربما شاطرهم عبارات (ارحل) للحكومة البائدة ليتقدم بعدها حاملا وشاح الديمقراطية الذي أخفى جانبا كبيرا من وجهه الذي تلون لاحقا وما كان لم يكن ليصبح الآن!