24 أكتوبر 2025

تسجيل

لا تأمن تقلبات الحياة

29 أغسطس 2018

عندما وصل بينيتو موسوليني إلى الحكم في إيطاليا عام 1922، أراد أن يعيد مجد الإمبراطورية الرومانية القديمة، فاتخذ الفاشية طريقة له. والفاشية هي حركة تقوم على هيبة الدولة والطاعة العمياء للقائد والتعصب للوطن. انخدع الكثير من الإيطاليين بالشعارات البراقة، فقام الديكتاتور بإقصاء جميع المعارضين له، وألغى الأحزاب والنقابات الأخرى، وحقق بعض النجاحات هنا وهناك، وأصيب بجنون العظمة، وأسمى نفسه الدوتشي (تعني الزعيم بالإيطالية) وأعجب به هتلر، لدرجة أنه طلب منه صورة شخصية له تحمل توقيعه (أصبح هتلر رئيساً لألمانيا بعد وصول موسوليني للحكم بـ 11 عاماً وشكّلا تحالفاً قوياً لاثنين من مجانين السلطة والقمع). قال موسوليني في أحد خطاباته: إذا تقدمت فاتبعوني، وإذا تراجعت فاقتلوني، وإذا قُتلت فخذوا بثأري. قال ذلك وهو في أوج قوته، ولم يدر بخلده أنه سيُهزم في يوم من الأيام. فهو الذي قهر كل من كان يقف أمامه، وغزا عدة دول منها إثيوبيا، وعاث فساداً في ليبيا الذي قتل فيها أكثر من 200 ألف شخص، ونشر العنف والكراهية والتعصب في المجتمع الإيطالي. ووسع نفوذ إيطاليا في عدة دول، فقد تدخل لإنجاح ثورة فرانكو في إسبانيا، وسيطر على الموانئ في جيبوتي، وأجزاء من الصومال، وجزر في البحر المتوسط، ودخل في صراعات مع بريطانيا وفرنسا للسيطرة على المستعمرات. مع نهاية الحرب العالمية، مُنيت إيطاليا بهزيمة نكراء، وسقط حكم موسوليني، وحُكم عليه بالإعدام شنقاً. ثم انتقم شعبه منه بتعليقه من قدميه في إحدى محطات البنزين، وبقي معلقاً عدة أيام ليشاهده الناس الفرحين بالتخلص منه. يعلمنا التاريخ ألا نأمن الدنيا، فمثل موسوليني الذي غرّته الحشود العظيمة والانتصارات المؤقتة؛ لم يكن ليتوقع أن يلاقي مثل هذا المصير المفجع.