19 سبتمبر 2025

تسجيل

صحافتنا الثقافية

29 أغسطس 2016

الحديث عن الثقافة المحلية ذو شجون! كما هو الحديث عن الصحافة الثقافية، الذي لا يشعر بأهميته أو ضرورته إلا المشتغلون الحقيقيون في هموم الثقافة، والذين يشعرون بأن لهم دورًا أساسيًا للارتقاء بمفاهيم المجتمع عبر النشر العاقل للحراك الثقافي، وتقديم الرؤى الخلاقة للوصول بالمجتمع إلى الدرجات التي ينشدها في كافة مناحي الحياة. الحديث عن الصحافة الثقافية لا يقل أهمية عن الثقافة ذاتها، كون هذه الصحافة مرآة عاكسة للحراك والإنتاج الثقافي، وما يدور في خلد المثقفين، وما ينتجونه من أعمال تخدم مجتمعهم، ويساهمون بذلك في رفد الثقافة العربية الشاملة. ومن خلال تجربتنا مع الصحافة الثقافية لأكثر من 46 عامًا، منذ انطلاقة مجلة العروبة، وحتى اليوم، مرورًا بالمجلات المتخصصة مثل: مجلة الدوحة، مجلة العهد، مجلة الجوهرة، أخبار الأسبوع، بروق.. وغيرها من المجلات التي توقف أكثرها، إلى جانب الصحف اليومية والتي تنشر مواد متعلقة بالثقافة، وبعضها خصَّص ملاحق لهذا الموضوع. ولقد واجهت الصحافة الثقافية مجموعة من الملاحظات التي لابد وأن تتم معالجتها بطرق عقلانية، كي نضمن "استواء" ثقافة النشر، وعدم انحيازها عن سوية تقديم الحقيقة للجمهور دونما مواربة أو مجاملة لهذا الطرف أو ذاك. ومن تلك الملاحظات: 1 - ارتباط مواضيع المجلة الثقافية بجنسية القائم على المجلة، ولقد عاصرنا وجودًا واضحًا لجنسيات معينة تُنشر مواضيعهم كل شهر!؟ مع تجاهل البعض الآخر، كما ترتبط الصفحة الثقافية في بعض الصحف بعلاقات بعض المحررين العاملين على الصفحة، مع بعض "الأصدقاء" الذين يتم نشر إنتاجهم أو الإشارة إليه حتى أكثر من ثلاث مرات في العام!؟ وهذا مخالف لمهنية النشر، رغم تواضع ذاك الإنتاج. 2 - غلبة الجانب التقريري "المادح" على الروح الخلاقة والنقد التوجيهي الذي يُعين المبدع على المزيد من الابتكار والتجديد، وتحديث أدواته مع تقدم سِنه. 3 - تواضع مستوى بعض المحررين أو المتعاونين مع بعض الصحف، وعدم التزامهم بالمرجعيات والأصول الثقافية، كما أن بعضهم لا يعرف المبدعين الحقيقيين، أو يكون انتقائيًا في عرض موضوعاته؛ ويعمد إلى تجاهل الرموز الثقافية المحلية. 4 - عدم سلامة (التأريخ الثقافي)، وذلك أن بعض المحررين لا يودون أن يجتهدوا في البحث، وقراءة المُنتج الثقافي بشكل مُركز. ونتيجة لذلك، ظهرت بعض القضايا والإشارات في صحافتنا افتقد بعضُها الدقة والحقيقة، وتم الترويج لإنتاج وأشخاص أبعد ما يكونون عن الثقافة، فمثلًا ينبري أحدهم للحديث عن الرواية القطرية!؟ وسِنُّه وخبرته لا تؤهلانه لهذا الحديث، لأنه لم يقرأ الروايات القطرية، ولم يُحللها، فيقوم بعمل تحقيق عن الرواية، لا يُشارك فيه أيَّ راوٍ أو روائية قطرية!؟ وهذا مخالف للواقع ولأمانة النشر. ونشَر هذا المحرر كلامًا على لسان أكثر من خمسة من المُستَنطقين على أنهم من الرواة، وهم ليسوا كذلك، ولم نقرأ لهم أي روايات!؟ فهذا تجنٍّ على الموضوعية، ونقلٌ غير دقيق عن الحقيقة!. ولا يجوز لمثل هذا المحرر أن ينشر ذاك التحقيق، في الوقت الذي يوجد في قطر أكثر من 10 كتّاب روائيين، أصدر بعضهم أكثر من 4 روايات التزمت بخصائص السرد المعروفة، تجاهلهم ذاك المحرر في وضح النهار. فلمصلحة مَن يتم تزيّف الواقع الثقافي؟ ولمصلحة مَن يتم الترويج لبعض كتاب القصة القصيرة أو المذكرات أو الخواطر على حساب الرواية القطرية التي وصل عددُها حتى اليوم إلى 24 رواية فيها القيم الفنية التي تستحق أن يُطلق عليها اسم (رواية)؟ نحن نعتقد أن دور الصحافة تنويري، يعتمد على إبراز الحقيقة للقارئ وعدم تزيّف الواقع، ولكن ما نقرأه من خط يد بعض المحررين يخالف هذا الاتجاه، ويخلق "أصنامًا"، يدعو المحرر إلى الانحناء لها على حساب التأريخ الثقافي.