15 سبتمبر 2025
تسجيلقتلت قوات الاحتلال الإسرائيلي ثلاثة فلسطينيين بدم بارد، ذلك في مخيم قلنديا أثناء دخوله منذ أيام قليلة. السلطة الفلسطينية علّقت الاجتماع التفاوضي مع إسرائيل الذي كان مقررا عقده في أريحا. وللأسف لم تنسحب من المفاوضات بشكل نهائي. لذا فإن المفاوضات التي جرت والتي ستجري بينها والعدو الصهيوني لها طعم مر، فهي تأتي تنفيذاً للرغبة الأمريكية ولأن السلطة في مأزق سياسي رافقه جمود في الحركة السياسية على مدار أعوامٍ ثلاثة.كانت الساحة الفلسطينية قد تعرّضت لواحد من أخطر الأحداث في القرن الزمني الجديد هو:الانقسام السياسي والجغرافي بين سلطتي رام الله وغزة، اللتان تتنازعان على من يحمل منهما مفتاح السجن الكبير. المفاوضات تأتي بالشروط الإسرائيلية وبالثمن الإسرائيلي،والحقوق الفلسطينية تضيع واحداً بعد الآخر،وليس من شروط للسلطة حققتها دولة الكيان. نتنياهو أضاف شرطاً جديداً هو:الاعتراف الفلسطيني"بيهودية دولة إسرائيل". الاستيطان على أشده.القدس يجري تهويدها ونزع حق أهلها في الإقامة فيها. تجري مصادرة أراضي النقب. ولا لحق العودة وتقرير المصير وسيادة الدولة العتيدة.. هذا المشهد البانورامي برمته لم يمنع السلطة من العودة للمفاوضات العبثية.ينطبق على حالة كهذه تمام الانطباق وهو أن الضحية تفاوض الجلاد!الفلسطينيون ما زالوا يمتلكون الاستعداد الكامل لمواصلة النضال حتى تحرير وطنهم السليب من النهر إلى البحر. قياداتهم المتنفذة اختصرت هذا النضال لتقف في الموقع الضعيف وكأنها لا تمتلك حقوقاً!السلطة لا تريد خيارات أخرى رغم وفرتها!مفاوضات العشرين عاماً لم تلحق سوى الدمار بالشعب الفلسطيني وقضيته. المفاوضات الجارية هي إمعان في السير على طريق العبثية وتضييع الحقوق للأسباب التالية: أولاً: أنها مفاوضات بلا مرجعية غير الراعي الأمريكي. الذي يقف في الصف الإسرائيلي دوماً،وهو ناقل (أمين) للشروط الإسرائيلية وإبلاغها للجانب الفلسطيني. يحاول دوماً الضغط على السلطة وتسهيل الطريق أمامها للاستجابة للطلبات الإسرائيلية. وإبداء المزيد من التنازل المتدرجة عن الحقوق الوطنية الفلسطينية.بعد اتفاقيات أوسلو أضاعت السلطة (بعد إنشائها) المرجعية الأساسية للحقوق الفلسطينية ألا وهي قرارات الأمم المتحدة المتعلقة بهذا الشأن. ثانياً: المفاوضات تأتي في ظل ميزان قوي يميل بالكامل في صالح إسرائيل. المفاوضات والحالة هذه مجالاً حيوياً لفرض شروط الطرف القوي على الضعيف.السلطة تذهب إلى المفاوضات وإسرائيل تدرك تماماً:أن المفاوضات هي خيار السلطة الإستراتيجي لذا فما هو الضاغط على إسرائيل، للتجاوب مع الحقوق الوطنية الفلسطينية؟ من أبرز عناصر ضعف الموقف الفلسطيني أيضاً:أن غالبية أبناء الشعب الفلسطيني يرفضون المفاوضات الجارية رفضاً قاطعاً.برغم ذلك، المفاوضات تجري رغم هذا الرفض. ثالثاً: تأتي المفاوضات بعد تجربة طويلة لها امتدت عشرين عاماً زادت خلالها إسرائيل. الاستيطان أضعافاً مضاعفة.لم تمنعها اتفاقيات أوسلو (التي ما زالت تستعملها السلطة كمرجعية!) من إعادة دخول قوات الاحتلال الصهيونية إلى أراضي الضفة الغربية. ولم تمنعها من الاستمرار في مصادرة الأراضي وبناء الجدار العازل واقتراف المذابح بحق الفلسطينيين والعرب. واقتراف كل أشكال العدوان:تدمير بيوت. قصف مستمر،التسبب في قتل الآلاف من الفلسطينيين في عدواني 2008-2009! وعدوان 2012. إسرائيل ما زالت تحاصر قطاع غزة،وما زال ما يزيد على خمسة آلاف أسير وأسيرة فلسطيني - فلسطينية في سجون الاحتلال الصهيوني.لقد سبق لشارون أن أعلن موت اتفاقيات أوسلو.ما جرى في العشرين سنة الماضية وما يزال يجري. يعتبر أكثر من كافٍ لتتعلم السلطة دروساً من تجربتها. رغم ذلك تقدُم السلطة على العودة إلى المفاوضات! رابعاً: السلطة وبعودتها للمفاوضات وبخيارها الإستراتيجي الوحيد. حددت حركتها السياسية في اتجاه واحد. وحرمت قضيتها من استغلال عامل حاسم في مرحلة التحرر الوطني لمطلق حركة مقاومة أثبت صحته وتأثيره وهو: الكفاح المسلح، فما دام الإسرائيليون لا يواجهون حركة مقاومة تسبب لهم خسائر بشرية ومادية يومية،فلماذا يلبون المطالب الفلسطينية؟من جهة أخرى المجتمع الدولي (بمن فيه العديد من الدول العربية) هم الذين يتبرعون كميزانية السنوية للسلطة،أي بمعنى آخر فإن إسرائيل لا تدفع ثمن احتلالها،فلماذا توافق على القرارات الدولية وتعترف بالحقوق الوطنية الفلسطينية؟ خامساً: تدرك السلطة الفلسطينية أنها تعود للمفاوضات في ظل وجود الائتلاف الحاكم الأكثر تطرفاً في التاريخ الإسرائيلي.وفي ظل وجود أغلبية حاكمة أعلن ممثلوها (وآخرهم وزير الإسكان يوري أريئيل في تصريح حديث له) مراراً تمسكهم بالضفة الغربية (يهودا والسامرة) ورفضهم المطلق لإقامة دولة فلسطينية!وفي ظل تشريع الكنيست لقوانين عنصرية ضد أهلنا في منطقة 1948 من جانب آخر قوانين تجعل من"الوطن اليهودي"شاملاً لكل الأرض في فلسطين التاريخية من النهر إلى البحر.رغم ذلك وعد نتنياهو"بأن أية تسوية ستجري بين الفلسطينيين سيتم عرضها على استفتاء لكل الإسرائيليين.ربما السلطة تدرك وهو مصيبة أو لا تدرك وهنا المصيبة أعظم أن: غالبية الإسرائيليين (حوالي %60) هم من غلاة المتطرفين الذين لا يعترفون بوجود الشعب الفلسطيني من الأساس،ويعتبرون الضفة الغربية (يهودا والسامرة) ولا يجوز الانسحاب منها! سادساً: تذهب السلطة الفلسطينية إلى المفاوضات منفردة ودون الاعتماد على قاعدة جماهيرية عربية. والتي في معظم فصائلها ترفض هذه المفاوضات جملة وتفصيلاً.صحيح أن الأمة العربية منشغلة في مخاض لكن لنأمل أن يكون هذا المخاض لصالح المطالب والقضايا الوطنية الفلسطينية والعربية. المقصود القول:إن من عناصر القوة(وهو الاندماج العضوي ما بين الخاص الوطني والقومي العربي) هو البعد العربي للنضال الفلسطيني وهذا ما لا تنتبه إليه السلطة. سابعاً: المفاوضات تجري دون الاستناد الفلسطيني إلى الدول الصديقة على الصعيد العالمي. فمعظم الدول التي وافقت على قبول فلسطين عضواً مراقباً في الأمم المتحدة. تؤيد المطالب والحقوق الوطنية الفلسطينية.الذهاب إلى المفاوضات بالشكل الذي تم. يحرم القضية من هذا البعد المهم. مجمل القول:أن ذهاب السلطة إلى المفاوضات الأخيرة هو خاطئ. خاطئ. خاطئ.