12 سبتمبر 2025
تسجيلمن الدعاوى الشائعة أمام محاكم الأسرة دعوى المطالبة بنفقة الأبناء في مواجهة الآباء، وذلك من منطلق الالتزام القانوني والطبيعي الذي تفرضه الأبوة، حيث تجب نفقة الابن على والده الملزم بتغطية جميع متطلبات مصاريف تربيته وتنشئته الاجتماعية وضرورات الحياة اليومية من مصروف المأكل والمشرب والملبس والعلاج والتدريس، وبالتالي إذا توقف الأب عن الإنفاق دون عذر جاز رفع دعوى في مواجهته لإلزامه بسدادها بصفته مدعى عليه. لكن متى يجوز للأب أن يكون هو المدعي ويرفع دعوى المطالبة بالنفقة؟ في الحالة التي يبلغ فيها الابن مرحلة عمرية تسمح له بالإنفاق على نفسه وعلى غيره بعدما التزم الأب بجميع تكاليف نفقته وهو صغير، وفي المقابل يكون الأب قد وصل سنا يعجز فيها عن توفير مصاريف حياته اليومية، يصبح بإمكان الأب أن يلزم الابن بنفقة دورية تغطي مصاريف احتياجاته الأساسية، فإذا امتنع الابن عن ذلك جاز للأب بصفته مدعيا أن يرفع دعوى أمام المحكمة لإلزامه بها بحكم قضائي. وتجد دعوى نفقة الأب في مواجهة الابن سندها ضمن قانون الأسرة في مادته 80 التي ورد فيها ما يلي: «يجب على الولد الموسر ذكرا كان أو أنثى، كبيرا أو صغيرا، نفقة والديه إذا لم يكن لهما مال يمكن الإنفاق منه. وإذا كان مال الوالدين لا يفي بنفقتهما، ألزم الأولاد الموسرون بما يكملها. وتوزع نفقة الأبوين على أولادهما بحسب يسر كل واحد منهم. وإذا أنفق أحد الأولاد على أبويه رضاء فلا رجوع له على إخوته، وإذا كان الإنفاق بحكم قضائي، فله أن يرجع على كل واحد منهم وفق الحكم». وبحسب هذه المادة فإن معيار دعوى نفقة الأب يستند إلى ركنين أساسيين هما يسار الابن وعسر الأب، بمعنى أن الابن الملزم بنفقة والده هو الذي يستطيع الإنفاق على نفسه وعلى المسؤولين منه من بينهم والده، وأن الأب الذي تجب نفقته هو الذي ليس له مصدر دخل مادي يستطيع الإنفاق منه، فإذا غاب ركن من الركنين المذكورين غابت كذلك الأسباب الموضوعية والجدية للإلزام بنفقة الأب. وفي حال تعدد الأبناء الموسرين الذين يطالبهم والدهم المعسر بنفقته وجب توزيع قيمتها عليهم جميعا حسب ما جاء به الحكم القاضي بالنفقة، أما إذا أراد أحدهم الإنفاق على والده بأكثر مما ورد ضمن الحكم القضائي فلا يجوز له الرجوع على إخوته بالفرق. ويتم تقديم دعوى نفقة الأب أمام محكمة الأسرة عن طريق إيداع صحيفة دعوى بقلم كتاب المحكمة معفاة من الرسوم القضائية، ومشفوعة بالمستندات التي تفيد عسر الأب المدعي ويسار الأبناء المدعى عليهم، ويتم تداول الدعوى خلال جلسات يصدر في آخرها حكم بات في الموضوع، وما تم ذكره من مقتضيات قانونية بشأن نفقة الأب يجوز القياس عليه بالنسبة للأم المعسرة التي يجوز لها مطالبة أبنائها الموسرين بالإنفاق عليها، حتى وإن لم تكن قد أنفقت عليهم في المرحلة العمرية التي تجب نفقتهم.