08 أكتوبر 2025

تسجيل

احذر أن تفسدك السلطة

29 يوليو 2020

بعد أن تخرجت وزملائي من الجامعة، قل التواصل بيننا بشكل كبير، فقد انشغلنا بأمور الدنيا والعمل وتفرقت بنا مسارات الحياة، ولكن ظلت بيننا بعض اللقاءات بين الحين والآخر، زميل لنا كان شخصاً طيباً وخلوقاً، لم نر منه أي تصرف مسيء خلال فترة الدراسة وبعد الجامعة، وفق الله زميلنا هذا في عمله وترقى لمنصب إداري، وفي لقائنا التالي باركنا له المنصب الجديد. بعد فترة من الزمن، لم يعد زميلنا هذا يحضر تجمعاتنا، وأصبحنا لا نراه إلا بالصدفة، ومن الغريب أنه أصبح لا يتحدث مع الآخرين بنفس الطريقة المتواضعة التي عهدوه بها، فأصبح التكبر والتعالي واضحاً في حديثه ونظراته وحتى نبرة صوته. تصادف أن يكون لنا زميل آخر يعمل في نفس الجهة، بل وفي نفس الإدارة، وقد كانا من أقرب الأصدقاء خلال فترة الدراسة، والآن أصبح أحدهما مديراً على الآخر. يخبرني ذلك الموظف أن زميلنا - صديقه المقرب سابقاً - تغير كثيراً بعد تبوئه للمنصب، فأصبح متعجرفاً ومتكبراً ولا يستمع لأحد، ويسيء للآخرين، ولا يظهر أي احترام لهم مهما كانت علاقته السابقة معهم، وأصبحت المشكلات بينهم لا تنتهي. أثبت "داكر كيلتنر" في كتابه "مفارقة السلطة Power Paradox" أن هذا الأمر طبيعي جداً، بل وربما هو السلوك الشائع لدى الغالبية، فالمنصب والمال يغيران أخلاق الشخص، ليصبح أكثر تسلطاً ووقاحة واندفاعاً وأنانية، وتزيد نسبة التغيير إذا ما كانت الترقية أو الثروة جاءت بشكل مفاجئ، أو في مقتبل العمر، بل ويصل الأمر للفساد المالي والاختلاس، بالرغم من أن لديه ما يكفيه من المال. يقول المؤرخ والسياسي اللورد أكتون: السلطة مُفسِدة، والسلطة المطلقة مَفسَدة مطلقة. لذلك احذر من أن تفسدك السلطة وتغير أخلاقك، واكبح جماح نفسك الأمارة بالسوء. Twitter: @khalid606 [email protected]