18 سبتمبر 2025

تسجيل

دور الأمن الغذائي في حل ظاهرة ازدياد أعداد الجياع

29 يوليو 2015

ازدياد أعداد الجياع في العالم بات ظاهرة مقلقة للمعنيين من راسمي السياسات الغذائية، ومشكلة تعصف بالاستراتيجيات التنموية التي تستشرف تحقيق الأمن الغذائي خلال السنوات القادمة، لأنّ الأوضاع الراهنة في الشرق الأوسط، وتراجع أداء العديد من مؤسسات الغذاء في توفير لقمة العيش تتطلب من القائمين إعادة النظر في الدراسات التي قامت عليها. ويتطلب إيجاد الحلول تشخيص الوضع الغذائي أولاً، الذي بات جلياً ولا يخفى على أحد، فالعديد من مؤسسات الغذاء في العالم تطالب المانحين بسرعة تقديم معونات ومساعدات غذائية وخدمية للمشردين والنازحين من ويلات الدمار. ففي سرد سريع للأعداد التي أعلنت عنها منظمة الأغذية والزراعة الفاو مؤخراً، ذكرت أنّ 9.8 مليون لاجئ سوري في حاجة لإغاثة عاجلة، من بينهم 6.8 مليون لاجئ في مستوى بالغ الخطورة، وفي إفريقيا هناك ملايين الجوعى والمحتاجين لأغذية صحية مناسبة، إضافة إلى الآلاف من الذين يعانون نقص الغذاء في اليمن وليبيا والعراق. كما ذكر البنك الدولي أن العالم يهدر ما نسبته 25% إلى 33% من الغذاء الذي ينتجه للاستهلاك، وأن كمية الغذاء التي تهدر وتفقد عالميًا تبعث على الحزن، لأن ملايين الناس جوعى ولا يجدون قوت يومهم، ومع ذلك فإن ملايين الأطنان من الغذاء ينتهي بها المطاف في حاويات القمامة أو تفسد في الطريق إلى الأسواق. وتحدث غالبية هدر الغذاء في مراحل الاستهلاك والإنتاج والتسليم والتخزين في السلسلة الغذائية لكن بنسب متفاوتة بين مناطق العالم. إزاء البيانات الإحصائية التي تبين مدى الفجوة بين الهدر الغذائي والجهود الدولية المبذولة لاحتواء ظواهر سلبية مثل الجوع والفقر والبطالة والحروب إلا أن الحاجة لتأمين الغذاء مازال في حاجة ماسة للغاية إلى استراتيجيات قابلة للتطبيق، واستغلال الموازنات بطريقة فاعلة. والشرق الأوسط في ظل تقلباته السياسية في حاجة إلى سياسات غذائية منظمة، خاصة وأنّ الصراعات المسلحة حصدت الأخضر واليابس، وأدت إلى تراجع الأداء الاقتصادي، كما أنها أعادت الجهود الدولية المبذولة للأمن الغذائي إلى الوراء. ورغم الهدف الذي وضعته الفاو وهو (تقليص عدد الجياع إلى النصف بحلول 2015)، إلا أنها لم تفلح في الحفاظ على المستوى المناسب أو المعقول من الأمن الغذائي، بل العكس تراجع أداء مؤسسات الغذاء والأراضي الزراعية والإنتاج في دول عربية عدة بسبب الحروب وويلات الدمار والنزوح إضافة إلى التغير المناخي واشتداد الحرارة أثرت سلباً على حلم الأمن الغذائي، وهانحن نعايش 2015 ولم تؤت الجهود بأيّ شيء يذكر سوى المزيد من أعداد الفقراء والمتضررين من سوء برامج التغذية. وتعلل الفاو أسباب انعدام الأمن الغذائي بتباطؤ التحسن، والأزمات الاقتصادية، والتغيرات المناخية، وعدم تقدم الدول النامية بالشكل المطلوب لتحقيق الوفرة الغذائية. وأرى أنّ أسباب تفاقم الأزمة الغذائية ازدياد أعداد الفارين من جحيم الحروب والنزاعات المسلحة، بحيث لم يعد بالإمكان القيام بالأنشطة الزراعية والفلاحية والإنتاجية في ظل عدم الاستقرار الاقتصادي وارتفاع الأسعار والتضخم، وأيضاً الخطط الإستراتيجية ترسم الطموحات دون أن تلامس الوضع الراهن الذي نعايشه جميعاً. فقد أصبحت المنظمات الدولية تبحث عن مانحين جادين ينفقون على توفير كميات غذائية صحية ومناسبة للجياع والمشردين، إذ لا وقت لبحث آليات إنتاجية جديدة دون عودة الهدوء لعالمنا. وما يخيفني توقعات خبراء الغذاء أنّ القرن المقبل سيكون صراعاً من أجل لقمة الخبز، وأنه سيزداد عدد سكان الكوكب إلى 9 مليارات نسمة في 2050، وبالتالي لن يكون البرنامج الغذائي العالمي قادراً على توفير ولا حتى القدر اليسير من المساعدات التموينية. ويقف العالم في حيرة بين انعدام الأمن الغذائي وبين الحفاظ على المستوى المناسب من توفير الغذاء، حيث يذكر تقرير الأمم المتحدة أنّ السنوات العشر الأخيرة شهدت كوارث وحروبا عمقت من حجم المشكلة، وأضعفت من الجهود الدولية المبذولة للنهوض بالإنتاج الغذائي. ومن هنا بدأت عدد من دول المنطقة العربية ومنها دول التعاون الخليجي رسم استراتيجيات قابلة للتطبيق في توفير أمن غذائي فاعل، بحيث يمكنه توفير مخزون استراتيجي للسكان وقت الأزمات. وبدأت دول الخليج في بناء مخازن الغلال والمحاصيل، وإقامة مصانع لإنتاج وتصنيع الأغذية في مساحات شاسعة غير مستغلة أو بالقرب من الموانئ ومصادر المياه. فهل يتحقق حلم أمن غذائي عربي في ظل أحداث متسارعة غير واضحة المعالم، وما الدور المأمول من المؤسسات الدولية لحل تفاقم أزمات الغذاء؟.