17 سبتمبر 2025

تسجيل

خيـر البـرية

29 يوليو 2013

إن الله عز وجل خص أمتنا بحفظ القرآن والعلم، وقد كان من قبلنا يقرؤون من الصحف ولا يقدرون على الحفظ ولما جاء عزير عليه السلام وقد حفظ التوراة وأملاها على الناس من حفظه وبعد أن بعث الله على اليهود عباداً له أولي بأس شديد فأخذوهم أسرى إلى بابل ولما رأت يهود فعل عزير عليه السلام قالوا (عزير ابن الله). أما نحن أمة الإسلام فقد أكرمنا الله عز وجل بأن يسر لنا حفظ كتابه فقال: (ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر) فكيف نقوم بشكر من خولنا أن ابن سبع سنين منا يقرأ القرآن عن ظهر قلب مع حسن أداء وتجويد، ثم ليس في الأمم ممن ينقل عن نبيه أقواله وأفعاله على وجه يحصل به الثقة إلا نحن وإن كثيراً من طلاب العلم اليوم أو قل من يطلق عليهم العلماء يجدون في طلب العلم ولا يصلون إليه لأن من منافع العلم وثمراته العمل به والخشية لله التي يورثها العلم والعمل. قال الله تعالى (إنما يخشى الله من عباده العلماءُ) ويمكن أن نعمل هذه الآية كالآتي وهو أن نقول خير البرية من يخشى الله لأن الله تعالى يقول: (إنّ الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خيرُ البرية) إلى قوله تعالى (ذلك لمن خشي ربهُ) فأثبت الله عز وجل الخشية لخير البرية ويكون الله عز وجل قد أضاف الخشية إلى كل عالم على وجه الحصر فيكون كل من يخشى الله تعالى فهو عالم به عارف له والعلم يراد للعمل كما العمل يراد للنجاة فإذا كان العمل قاصراً كان العلم كلاً على العالم ولما كان الأمر كما ذكرنا من أنه ينبغي للعالم أن يكون يخشى الله في كل تصرف أو فعل أو قول وإلا خرج من كونه عالماً على الحقيقة لأن الله حصر الخشية بكل عالم. وإنما هو حمار يحمل أسفاراً. وقد شدد الإسلام النكير على العلماء الذين لا يخشون الله، وقد جاء في الحديث الصحيح إن أول الناس ولوجاً إلى جهنم ثلاثة منهم عالم لم يقصد بعلمه وجه الله فيقال للعالم إنما تعلمت ليقال إنك عالم وقد قيل فيذهب به إلى جهنم لذلك قال عليه الصلاة والسلام " من تعلم العلم ليماري به السفهاء أوقفه الله موقف ذل وصغار وجعله حجة عليه يوم القيامة لأنه إنما شغلهم الغيبة وقصد الغلبة واجتلاب الدنيا والتفاخر فيها. والفتوى لكنهم (يحرفون الكلم عن مواضعه...) إرضاء لذوي قوة أو جاه يشترون بذلك ثمناً قليلاً من حطام هذه الدنيا (أولئك ما يأكلون في بطونهم إلا النار). يقول النبي صلى الله عليه وسلم: يجاء بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار فندلق أقتابه- أي أمعاؤه- في النار فيدور كما يدور الحمار برحاه فيجتمع أهل النار عليه فيقولون أي فلان ما شأنك أليس كنت تأمرنا بالمعروف وتنهانا عن المنكر؟ قال: كنت أمركم بالمعروف، ولا أتيه وأنهاكم عن المنكر وأتيه" فهؤلاء كانوا سلماً إلى جهنم يعبر الناس فوقهم ثم ينحدرون معهم أنهم كانوا أهل علم وجاه فيطاعون في معاصي الله فهم ممن سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة ثم يتبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب. وقد شبه الله عز وجل من يريد الله أن يرفع مقامه ويرضى بمقام الذل شبهه الله عز وجل بالكلب فقال: (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْناهُ آياتِنا فَانْسَلَخَ مِنْها فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطانُ فَكانَ مِنَ الْغاوِينَ (175) وَلَوْ شئنا لَرَفَعْناهُ بِها وَلكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَواهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ) وقد قال عمر رضي الله عنه تعلموا العلم وتعلموا له الوقار والسكينة لأن العلماء ورثه الأنبياء والنبي صلى الله عليه وسلم لم يكن صخاباً في الأسواق ولا فاحشاً ولا متفحشاً. وقال العلماء: كل علم لا يصحبه ثلاثة أشياء فهو مزيد من الحجة: كف الأذى بقطع الرغبة ووجود العمل بالخشية، وبذل الإنصاف بالتباذل والرحمة، وما لبس إنسان ثوباً أجمل من العلم. قال معاذ بن جبل رضي الله عنه: التفكير فيه يعدل الصيام ومذاكرته تعدل القيام وبه توصل الأرحام ويعرف الحلال من الحرام، وهو إمام العمل والعمل تابعه يلهمه السعداء ويحرمه الأشقياء. والاشتغال بالعلم أفضل من الاشتغال بالنافلة من العبادة لذلك جاء في الحديث" طلب العلم أفضل من صلاة النافلة". وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين