29 أكتوبر 2025
تسجيلإن ليالي رمضان المبارك تذهب سريعا ولا نحس بها، فمن يصدق أننا على بعد أيام من النصف من الشهر ونحن نعرف أنه مع انتصاف الشهر هناك احتفال مهم يقام في قطر ودول الخليج وفي ليلة الرابع عشر تحتفل قطر ومعظم بلدان الخليج بعادة شعبية قديمة من التراث الخليجي هي الكرنكعوه ويختلف اسمها من بلد لآخر ففي قطر تسمى هذه الليلة بليلة "الكرنكعوه " وفي البحرين في المحرق والمنامة الكركيعان و في الرقي يطلق عليها الناصفة وفي عمان يطلق عليها اسم "القرنقشوه " وفي الإمارات يطلق عليها "حق الليلة" أو "حق الله" بينما تسمى في السعودية بمناطق القطيف الكركشون أو الناصفة والكويت بليلة "الكركعان". هي ليلة مُبهجة عند أطفال الخليج، وسرّ بهجة هذه الليلة أنها تُعتبر إحياءً لعادة اجتماعية خليجية قديمة، أصبحت بمرور الزمن تراثاً أصيلاً في البيئة القطرية والخليجية. فهذه الليلة يعشقها الصغار والكبار، لأنهم يحتشدون في جماعات، ويطوفون بالبيوت المجاورة، ويقرعون أبوابها معلقين في رقابهم - أو مُمسكين - أكياساً من القماش، رافعين أصواتهم بالأغاني والأناشيد التراثية، التي تتميز بالدعاء لأصحاب البيوت بالخير واليُمّن والبركات، رغبة منهم في الفوز بأكبر قدر من العطايا والحلوى من قبل أصحاب البيوت، فيعودون وقد امتلأت أكياسهم بجميع أنواع الحلوى والعطايا. وتعد ليلة الكرنكعوه من الليالي المميزة لشهر رمضان الكريم خاصة أنها من الليالي التي تجلب الفرحة والسعادة على قلوب الأطفال الذين يجمعون فيها أنواعا جميلة ومحببة من الحلوى والمكسرات الشهية التي تبعث في نفوسهم البهجة والسعادة بالليلة التراثية المميزة. ومن بين الليالي التي ينتظرها الأطفال في شهر رمضان المبارك منذ سنوات هي ليلة منتصف الشهر التي يتم فيها الاحتفال بليلة الكرنكعوه التي تستعد الكثير من المؤسسات والهيئات للاحتفال بها لرسم البسمة على وجوه الأطفال في تلك الليلة الجميلة. وكانت السيدة القطرية في الماضي تبدأ الاستعداد لهذا الاحتفال قبيل منتصف شهر رمضان، حيث تقوم كل أم بحياكة أكياس القماش لأولادها - وتُسمى (الخريطة) - التي تُعلق في رقابهم ليجمعون فيها الحلوى والعطايا. هذا بالإضافة إلى حياكة وتطريز ملابس مخصصة لهذا الاحتفال، مثل (البخنق أو المخنق)، وهو غطاء أسود مطرز للرأس ترتديه الفتيات، و(القحفية) وهو طاقية للرأس يرتديها الأولاد. وهذا الاحتفال يشترك فيه الكبار - مع الصغار - في تزيين المنزل من الداخل والخارج، بل وفي الشوارع، حيث تُعلق الأنوار والزينات الملونة والرايات ولافتات الترحيب وسعف النخيل وإقامة الأقواس.. إلخ هذه المظاهر. وفي ليلة النصف من رمضان - وبعد الإفطار مباشرة - يتجمع أطفال الحيّ الواحد؛ مرتدين ملابسهم الزاهية المطرزة، معلقين أكياسهم في رقابهم، ويسيرون في جماعات يطوفون منازل الحيّ القريبة منهم، مرددين أغنية (الكرنكعوه) التي تحمل الدعاء لأصحاب البيوت. وأن الاحتفال بليلة النصف ليس هدفه استهلاكي بجمع كميات من الحلويات والمسكرات بل هناك دور إسلامي واجتماعي لهذه الاحتفالية، ورغم إنني سأفتقد هذه الليلة كوني متواجدا هنا في مدينة يوسو بكوريا الجنوبية، حيث تعودت من باب الاهتمام بإحياء التراث الشعبي أن أشارك في تلك الفعاليات التي تقام بداية من القرية التراثية والمجمعات والأندية وغيرها من الجهات، كما أن أحفادي منى ومريم وعلي سلمان فرج ضاوي والريم وعبدالعزيز سعود الكواري إلى جانب خالهم أحمد وجميع أفراد العائلة تعودوا أن يجتمعوا عندنا في المنزل مبارك عليكم نصف الشهر والله يعيننا على قيامه وهذا رابط الأغنية لمن يرغب في سماعها .