13 سبتمبر 2025
تسجيلالإخلاص روح الدين، وآية الصدق وسياج العمل، وضمان قبوله في الدنيا والآخرة، هو عنصر نادر بين الناس، لأننا نقصد بالإخلاص: تجريد القصد لله وحده وابتغاء وجهه الكريم.والبواعث التي تسوق الإنسان إلى العمل وتدفعه إلى إجادته وتغريه به بتحمل التعب فيه أو بذل الكثير من أجله، كثيرة متبانية وأغلب الناس يدورون حول أنفسهم فيما يعملون ويتركون، فمنها القريب الذي يكاد يُرى مع العمل ومنها الغامض الذي يختفي في أعماق النفس، إلا أن أغلب الناس يدورون حول أنفسهم فيما يعملون أو يتركون، وينشدون مصالحهم الخاصة أو منافعهم العاجلة.والغرائز البشرية المعروفة هي قواعد السلوك العام وقيمة العمل ترجع قبل كل شيء إلى طبيعة البواعث التي تمخضت عنه.ومحمد، صلى الله عليه وسلم، أخلص إنسان عرف الله ودعاه ودعا إليه، وقد حدد موقفه من الدنيا حيث قال: "مالي وللدنيا؟ ما أنا في الدنيا إلا كراكب استظل تحت ظل شجرة ثم تركها.."..وقد حدد مسار قلوب المؤمنين كما جاء في الحديث الصحيح: "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى".إن صلاح النية وإخلاص الفؤاد لرب العالمين يرتفعان بمنزلة العمل الدنيوي البحت إلى أن يكون عبادة متغبلة وإن خبث الطوية يهبط بالطاعات المحضة فيقلبها معاصي شائنة فلا ينال منها الإنسان إلا التعب، فرب قائم ليس له من قيامه إلا التعب ورب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والنصب، فليس لمثل هؤلاء إلا الفشل والخسار.وفي جميع الأحوال فإن الإخلاص لله قد يكثر في أول العمل ولكنه أثناء السير يقل أو يتضاءل.إن القلب السليم هو المحور الأساسي لقبول الأعمال عند الله والله وحده يعلم أين تكون القلوب السليمة.وقد كان علماؤنا الأوائل موفقين عندما قسموا المعاصي إلى معاصي قلوب ومعاصي جوارح، فالمعاصي التي يقترفها الإنسان بجوارحه هي ما يطلق عليها بالمعاصي البدنية وهي شهوات محدودة الأثر على قبحها وسوء مغبتها كالإسراف في الطعام مثلاً وهكذا مطالب البدن الأخرى فربما أعوزت صاحب هذه المعاصي إلى المهانة وسلب الإنسان كرامته ومع ذلك فهي أدنى من جنون العظمة وحب الذات التي تقود في النهاية إلى الفرعنة أو النمردة وقسوة القلب وإهلاك الحرث والنسل حتى يخيل إليه بدلاً من فرعون الأول فيقول في دخيلة نفسه: وما علمت لكم من إله غيري.إن الفساد السياسي في العالم الإسلامي يعتمد على رجال دين باعوا ذممهم للشيطان.إن شهوة الملق عند شيخ عليم اللسان فاسد القلب أوغل في الفساد أعظم من شهوة الزنا عند شاب طائش.إن الاغترار بالنفس أو الدوران حول الذات لا يبدو في طلب المناصب الرفيعة فحسب، إنه قد يبدو في تنقص رجل معروف أو اعتناق رأي شاذ أو المكابرة والتنطع في حوار لأناس يعملون في الميدان الديني أو الميدان المدني.وقد جاء في القرآن الكريم ذم أمثال هؤلاء الناس فقال الله تعالى: (تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ). إن هؤلاء المرضى بالشذوذ النفسي والحقد يكثرون من الأذكار والتلاوة وصور العبادة، ينتهزون الفرص التي تتنفس فيها طباعهم فيضربون ضربتهم.إن المتدينين من هذا الصنف الغاش بلاء.إن مظهر القسوة في قلوبهم وسلوكهم اعتداد بالشخصية، لا يعرفون التواضع وهم كثيرو الاتهام للغير، لا يقبلون عذر معتذر، ويفرحون بافتضاح المخطئين، الشماتة تملأ صدورهم.إن الكبر والحسد والافتخار بالنفس أو النسب أو الجاه أو المال، وحب المراء والجدال وحب الظهور والسمعة والرغبة في التسلط والرغبة في هضم أولي الكفاية واحتقارهم. إن هذه الرذائل أشنع من ترك نزوة طائشة عند شاب معلول تنطلق على النحو السيئ الموجود في ظل المدنية الحديثة.إننا، نحن المسلمين، نضار كثيراً من المعاصي النفسية، من آفات الرياء والكبرياء المبعثرة في كل نواحي حياتنا، من اللباس إلى الزواج والأعراس.إن الارتقاء الخلقي لدى المسلمين كان الرصيد الذي ينفق منه أولوا الحجى والسياج الذي يحتمون به وإنها لجريمة قتل عمد أن تنتمي إلى الإسلام ثم ندس عليه ولا نحسن فهمه ولا عرضه ولا العمل به ولا الدفاع عنه.والله لن يترك هذه الجرائم دون قصاص (وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ)، فهل نحسن العودة والعمل.وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين