10 سبتمبر 2025

تسجيل

ما الذي يلي رفح؟

29 مايو 2024

ما الذي يجعل إسرائيل حتى هذه اللحظة لا تستجيب لنداءات ومطالبات ومواقف دول كثيرة كان يمكن أن تلزمها بوقف العدوان الآثم على قطاع غزة؟! وما الذي يجعل حركة المقاومة الفلسطينية حماس ومثيلاتها في غزة اعتبار أن تل أبيب قد هُزمت في غزة اعترفت بذلك أم لم تعترف؟! الواقع يقول بأن نتنياهو يحاول أن ينسب لنفسه أي شكل من أشكال النصر وينقذ نفسه من الامتثال لأحكام قضائية تنتظره يمكن أن تقصيه من الحياة السياسية العفنة التي يعيشها وسط دماء عشرات الآلاف من الفلسطينيين في غزة وغير غزة ولذا فإن مجلس الحرب الذي شُكّل منذ السابع من أكتوبر الماضي من العام المنصرم قد ضم رؤوس الشر والإرهاب من أعضائه الذين يتوقون في كل لحظة لاستنزاف المزيد من الدماء الفلسطينية البريئة ولا يهمهم من عاش من أهل غزة ومن يُستشهد ما دامت الصورة الحقيقية للنصر أمامهم هي أن تزاول إسرائيل لغة القوة والقدرة والهيمنة العسكرية واعتقادها المريض أن استهدافها لكل هؤلاء هو نصر للعمليات العسكرية التي يمكن وصفها بعمليات الإبادة الجماعية العمياء ونزوحها عن هدفها المعلن وهو القضاء على حماس ومن والى حماس وهو ما جعل العالم الحر يقرأ عملياتها بأنه تعطش لسفك دماء الفلسطينيين الأبرياء دون وجه حق بينما في المقابل تستقرئ إسرائيل كل هذا على أنها مواقف لا تعبر عن رؤيتها ورؤية حليفاتها مثل فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة وألمانيا وغيرهم في أن كل ما فعلته هو دفاع عن النفس وانتقام مشروع تجاه ما حدث في السابع من أكتوبر داخل مستوطنات غلاف غزة وبعض المستوطنات الإسرائيلية التي تم أسر العديد من عساكرها والمدنيين منها، بل إن حماس استطاعت وسط كل هذه العمليات العسكرية الإسرائيلية وعدم التكافؤ بينها وبين إسرائيل عسكريا وعدة وعتادا أن تأسر ضباطا وجنودا كانوا يشاركون في هذه العمليات ضد أهل غزة وتحولت إسرائيل من كيان يريد أن يعيد أسرى السابع من أكتوبر الماضي إلى كيان يحلم بإعادة أسراه القدامى منهم والجدد وباتت الفاتورة الباهظة جدا تتراكم على حكومة نتنياهو المثقلة بالديون تجاه شعبها الذي يرغب اليوم أن يعود أبناؤه له أحياء ولا يقيمون لهم جنازات رمزية بعد قتلهم من قبل القوات الإسرائيلية نفسها التي لا همّ لها سوى القتل والدم والدمار ونقض الوعود والعهود وتسطير مذابح وإبادة تعكس تاريخهم الدموي وأنفسهم التواقة للدم والإرهاب والقتل. نتنياهو وصف بالأمس مذبحة رفح الأخيرة بالحدث المأساوي وكأننا بطبيعتنا التي تعرف شخصيته وتاريخه الغارق بدماء الفلسطينيين يمكننا أن نصدق هذا التصريح الذي لا يمكن أن يكون صادقا أو حقيقيا بأي شكل من الأشكال بينما في المقابل تعيد واشنطن أسطوانتها المشروخة بأن على إسرائيل اتخاذ كل التدابير اللازمة لحماية المدنيين الفلسطينيين في عملياتها العسكرية داخل القطاع وهو المطلب الذي دأبت الولايات المتحدة الأمريكية على إعادته مرارا وتكرارا على مسامع إعلامها وإسرائيل لكنها لا يمكن أن تعنيه أبدا وسط كل هذه المجازر المروعة التي تُرتكب بحق أطفال ورُضّع وأجنة وشباب ونساء وشيوخ وكل العالم يرى تلك المشاهد التي تهز العالم إلا بعض الحكومات التي تدعم هذا الكيان في كل جرائمه ومذابحه اللاإنسانية رغم الضغوطات الشعبية التي لم تتوقف حتى هذه اللحظة في تغيير مسارات التعامل مع إسرائيل التي كانت تأمل في الاستزادة من التعاطف الشعبي والعالمي لما جرى في أكتوبر الماضي فإذا بها تتحول من ضحية لمجرمة ومن مجني عليها إلى جانية ومن مسكينة إلى سكين يطعن في خاصرة الإنسانية عبر هذه الجرائم وذاك الإرهاب الذي نراه تباعا في غزة وأخيرا وليس آخرا في رفح التي شجع الإسرائيليون الفلسطينيين على التوجه لها هربا من العمليات العسكرية شمالا لتقتنصهم جنوبا في رفح وتحرق الخيام بمن فيها من أطفال وبقصف عشوائي لم يمهلهم حتى للاختباء أو الهرب لأي مكان رغم أن كل مكان بات في القطاع مُعرضا للإرهاب الإسرائيلي الدامي ولا تسألوا عن عرب هم نيام وإن استيقظوا !