13 سبتمبر 2025

تسجيل

حملة التضليل الأمريكي الجامعي ضد قطر والإشعاع الفكري المضاد (2/1)

29 مايو 2024

الوقت.... منتصف ليل 9 فبراير 2024 في قطر... الزمن... بعد واحد وعشرين عاما منذ 2003 استيقظنا كما استيقظ الآخرون من زملائنا الأمريكيين العاملين في الجامعة على قرار مفاجئ تمّ في أقل من دقيقة وهو تصويت مجلس أمناء جامعة تكساس إي أند إم على إغلاق فرعها في قطر بحلول عام 2028 والذي لم يصدم شريكهم (مؤسسة قطر) فحسب، بل صدم الأمريكيين والعاملين أنفسهم، إذ تم بعد ثلاث سنوات فقط من تجديد عقدها، ولم تسبق الادعاءات الكاذبة أية مؤشرات ولا حتى مناقشة عامة لمشروع قرار في اجتماع مجلس الإدارة. هتفت باستغراب... تكساس إي أند إم؟ تلك التي قام مركز دراسات معاداة السامية والسياسة العالمية في واشنطن يناير الماضي بشحن المسؤولين الأمريكيين ضد قطر بعيد استجابة اللوبي الصهيوني لتصريحات نتنياهو ضدها فأرسلوا رسالة تتهمها بتهديد الأمن القومي بادعاء مشاركة جامعة تكساس قطر أسرار صناعة الطاقة النووية وحيازة حقوق تطوير الأسلحة وتصويرها بدعم حماس وتمويلها والتلميح بعلاقتها مع جماعة الإخوان المسلمين. وهذا محض هراء وافتراء تستخف فيه أمريكا بحصافة شعبها وتتّهمه بالغباء وهي تمارس التعتيم والحجب الإعلامي عليه، كما تستهدف تضليل العالم الواعي والذي تدحض فيه هذه الدعاية السياسّية نفسها بنفسها، إذ لا قاعدة منطقيّة ولا أساس لها من الصحة، فأمريكا لم تقدّم يوما ما أيّ سرّ من أسرارها التكنولوجية لأحد!! ولم يكن لتقدّم!! ولن تقدّم!! والعالم خارج حدودها ليس بمغيّب عن الحقائق المنشورة في منصّات الإعلام الرقمي التي باتت تنافس إعلام أمريكا، فضلا عن أن العالم ليس بساذج لكي يصدّق هذا التضليل! وإلا فلن توافق أمريكا من البداية على الشراكة نفسها منذ عام 2003 لا لقطر ولا لغير قطر! ناهيك عن أن تستمر عشرين عاما بذريعة واهية من أن المنطقة حاليا ملتهبة جيوسياسيا وكأن المنطقة في بداية الألفية وقت التعاقد كانت بردا وسلاما. ما يناقض ادعاءاتها هو نفي رئيسها (مارك ويلش) ذلك بقوّة مباشرة في رسالة وجّهها إلى مجتمع الحرم الجامعي: «من أن الفرع في قطر لا يقدم في الأصل برنامجا للهندسة النووية»، وأن «التلميح بتسريبهم - الأساتذة الأمريكيين- لبيانات أبحاث الأمن القومي بطريقة ما أو تعريضها للخطر أمر خاطئ وغير مسؤول». ناهيك عن أن أي قارئ بسيط يدرك من الوهلة الأولى عدم صحة ادعاءاتهم وإلا تعرض رئيس الجامعة لعقوبات الخيانة الوطنية العظمى التي لن تغيب عن أمريكا لمدة عشرين عاما ليصحوا عليها فجأة في العام الحادي والعشرين من العقد المجدّد للتو..... !!! أضف إلى ذلك أن (جو أور) وهو أستاذ سابق في جامعة تكساس دحض بنفسه ضعف حجّة القرار معلّقا: «إن منطق المجلس الذي قرر المغادرة وسط التوترات المتزايدة في الشرق الأوسط يبدو «ضعيفا»، نظرا لأن الجامعة فتحت أبوابها بعد فترة وجيزة من هجمات 11 سبتمبر ولم تنسحب خلال الصراعات الإقليمية الأخرى حتى أزمة الخليج 2017»، معتبرا «أن فكرة الصراع العسكري الإسرائيلي البعيد عن قطر تبدو مصطنعة». «خصوصا وأنها فتحت في 2003 لتعزيز التعليم الهندسي والبحث في الشرق الأوسط في منطقة رئيسية في النفط والغاز». ثمّ جاءنا النبأ التالي: الوقت.... مساء 23 مايو 2024 الزمن.... بعد 16 عاما من 2008 جاء مجلس النوّاب في أمريكا في جلسة تحت قبّة الكابيتول هل ليحاسب جامعة نورث ويسترن ويجلد رئيسها جلدا بتهمة الشراكة مع الجزيرة دون إعطائه فرصة للرد في استجواب جلسة سماعية لتصفع ديكتاتورية العصر بل الدعاية الصهيونية عقودا من الدبلوماسية التعليمية وتطرحها أرضا ليس بقرار لمجلس الإدارة ربما نفهمه أو نتفهمه بل ببروباغندا دعائية مضلّلة وحملة تشويه موجَّهة سياسيّا ضد قطر وممنهجة في إعلامها ومنصاتها الرقميّة المحكومة في السردية والخوارزميات والحسابات نحو خدمة المحتلّ الإسرائيلي. هذا والعالم يشاهد يوميا بالصوت والصورة مجازر المحتلّ ضد شعب أعزل ومحرقته المروّعة للنساء والأطفال مُتحديا قرار محكمة العدل الدولية، ويعلم أن حملة التضليل المستعرة لإغلاق الجامعات في قطر دافعها حفظ ماء وجه أمريكا أمام اثنين: أوّلهما: فشل ترسانة الغرب وأمريكا المتطورة الداعمة لإسرائيل أمام مقاتلي حماس وبساطة أسلحتهم، وثانيهما: ما أصاب أمريكا في عقر دارها بمقتل وهو الثورة الطلابية الأمريكية الإنسانية الداخلية ضد مجازر إسرائيل والمطالبات بوقف التمويل الذي تتلقاه الجامعات الأمريكية من شركات التسليح الإسرائيلية. انتفاضة الطلاب الجديدة أدت إلى تصعيد ضغط اللوبي الصهيوني ومنظمته لإعادة توسيع مفهوم معاداة الساميّة وجعلها مرادفا للصهيونية في تصعيد متوقع لخروج ثورة الطلاب عن اليد والخوف من (فتنمة) الحرب على رأس أمريكا. ثمّ جاء مجلس النوّاب بالتوازي مع طلب المنظمة لصبغ الحركة بصبغة خارجيّة مدّعية تأثير أفرع الجامعات في قطر على مواقف الطلاب في أمريكا وربط ذلك بالجزيرة وحماس وتشغيل جماعات الضغط وحسابات التواصل للعزف على ذات المنظومة في كذب فاضح على مرأى من العالم. ولماذا هو كاذب؟ الإجابة أولا تأتيكم من كولومبيا! تلك التي افتتحت باكورة انتفاضة طلاب أمريكا وإعادة تسمية صالة مظاهرات فيتنام بصالة (هند) علما بأنه ليس لكولومبيا فرع في دولة قطر. ثمّ يأتيكم ثانياً من حرم جامعة نورث ويسترن !! فبعد ساعات فقط من قرار إغلاق تكساس أي أند ام فبراير 2024 أرسلت جامعة نورث ويسترن رسالة تطمين لكل منتسبيها على البريد الإلكتروني ذكرت فيها بالحرف الواحد أنها «مع تفهمها لقرار تكساس الذي أثار قلق الكثيرين إلا أنها مستمرة في قطر ولن تتخذ أي قرار بالإغلاق وأن سياستها مختلفة عن غيرها، إذ إنها أكّدت أنه ليس هناك سبب يدعوها لاتخاذ قرار كهذا». والمتأمل لنص الرسالة باللغة الإنجليزية سيجد أنها أكدت أيضا على «أنها ملتزمة بقيمها مع مؤسسة قطر التي تنص على التميّز، حريّة البحث وتلقي المعلومات مؤكدا رئيسها أنه على تواصل مباشر مع رئاستها هناك، وأنه سيزور (ايفانستون) في شيكاغو الشهر الذي يعقبه.. أي مارس الماضي. وأضاف كلمة مهمّة جدا في آخر ها: I want to reiterate أي إنني أودّ أن أعيـــــــــــــد التأكـــــــــــــــــــــــــــــيد لكم أنه No evidence WHATSOEVER والتي تعني / ليس هناك أي دليل... عـــــــــــــــــــــــلى الإطــــــــــــــــــــــــــــــــــــلاق... لكي تنهي نورث وسترن شراكتها مع مؤسسة قطر. وأضاف: «بل تنظر باهتمام إلى استمرار عملها العظيم مع فرع قطر». وعاد من ايفانستون شيكاغو فرحا متهللا في مارس. ثمّ صحونا وصحا زملاؤنا العاملون في الجامعة - أعني الأمريكيين المطمئنين سلفا من جانبها برسالة تطمين عاجلة – صحوا فجأة يوم الخميس الماضي- مايو 2024 - ودون سابق إنذار أيضا على تقريع مجلس النواب الأمريكي للجامعة لقطع علاقتها مع قطر في ظل ما أسمته تأثر النظرة التشريعية الأمريكية بالمستجدات الجيوسياسية. فكيف وظفت البروباغندا الصهيونية حرب غزّة في ملف الجامعات؟ ولماذا؟ يتبع في مقال لاحق..