10 سبتمبر 2025
تسجيلاعترض بعض المسؤولين اللبنانيين على "الدولارات" التي تمنحها المنظمات التابعة للأمم المتحدة إلى اللاجئين السوريين في لبنان، بحجة أن استمرار تدفق الدولار إلى اللاجئين يثير غضب البؤساء اللبنانيين الذين يعيشون في أزمات اقتصادية ومعيشية وسياسية خانقة حيث تم تصنيفهم في مقدمة "البؤساء" بحسب مؤشر البؤس الذي رصدته جامعة هوبكنز الأمريكية لعام 2022 ضمن قائمتها لأتعس شعوب العالم. هؤلاء "البؤساء" أي نحن نتعرض كلبنانيين للجلد الذاتي الداخلي والخارجي ونُلام على انتخابنا طبقة سياسية فاسدة، ولو أراد "المجتمع الدولي" سعادتنا لمولت التحركات الشعبية وتحولت إلى ثورات وربما إلى اشتباكات وحركات تحررية، ولكن الصراع الأيديولوجي في لبنان معقد ومسلح إلى درجة مفادها أن القبول بالبؤس هو أفضل الخيارات حاليًا، حتى زوال اقتسام النفط، وزوال إسرائيل، وربما إلى يوم الدين. البؤس أمامنا والحرب الأهلية وراءنا، ولا مُنجي من المهالك سوى التسوية الخارجية، التي قد تكون مسبوقة بحرب أو متبوعة باغتيالات تقلب المعادلة الإقليمية، وذلك بحسب المتغيرات الشرق أوسطية، التي لا تُبشر بتغيير كبير يلوح في الأفق، لا على هامش طريق الحرير، ولا في تقارب عربي على السرير. وحرصًا على مشاعر اللبناني البائس، الذي ما انفك ينتظر الإعانة الشهرية من أخيه وشقيقه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه، الذين يقطفون الدولارات كورق الشجر، في الخليج، وأستراليا، وأمريكا، في تصور لبناني داخلي سائد عن معيشة اللبناني المقيم في الخارج وهو الأكثر بؤسًا منهم، إذ يعمل طوال حياته ليؤمن مدفنه في قريته، أعلنت الأمم المتحدة أنها اتخذت قراراً، بناءً على طلبات لبنانية، بالتوقف مؤقتاً عن صرف مساعدات الشهر المقبل للاجئين بالدولار، مع استمرار النقاشات حيال الطريقة الأنسب لتقديم المساعدات. فاللبناني يقف على باب المصرف ليحصل على جزء من ودائعه، فيما تُدر الدولارات على لاجئ هرب بزوجة واحدة، وبارك الله في نسله، ورزقه بالحلال ثلاث زوجات متجددات، وكون أسرة تحت الشجرة من 10 أفراد، كلها من اللاجئين الذين يعيشون "السعادة في الهواء الطلق" حيث المزاج عالي عند البحر والشجر و"النفس خضرة". وكلما ارتفع عدد أفراد الأسرة، ارتفع مبلغ المساعدات بالدولار. الحديث في هذا الشأن، والاعتراض عليه، مُحرم عربيًا ودوليًا، في القواميس الإنسانية، ويندرج ضمن خانة التمييز العنصري، والمساواة، والحلال، والحرام، ويتحول النقاش فيه من ظاهرة سياسية واجتماعية تحتاج إلى حلول جذرية لها إلى ظاهرة إعلامية تشعل النفوس والغرائز وتبتغي كسب مزيد من المشاهدات الإعلامية. في المقابل يتراجع معدل الخصوبة العالمي، وكل ما هو عالمي، ينطبق على المواطن اللبناني، الذي خُصيت ودائعه، وتم حجب إصدار جوازات السفر له، ويُجرد يوميًا من حقوقه الإنسانية، مع مطالبته بالابتسامة والترحيب المستمر بالآخرين، وإلا أصبح متهمًا بالعنصرية والحزبية. المفارقة أن اللبناني إن حكى أصبح عنصريًا، وغيره إن حكى أصبح وطنيًا. وبين العنصرية والدفاع عن الهوية، ازدواجية في المعايير وسياسات دولية.