12 سبتمبر 2025

تسجيل

اقتصادات الخليج ما بعد النفط

29 مايو 2017

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); نظمت في مسقط نهاية الأسبوع الماضي ندوة "اقتصادات دول المجلس لعصر ما بعد النفط"، ولا يخفى لما لعنوان الندوة من أهمية خاصة، خصوصا في هذه المرحلة، حيث تجتهد دول المجلس وتحث الخطى كل منها نحو تطوير أنشطة قائمة أو تبني أنشطة وإصلاحات جديدة هدفها تقليل الاعتماد على النفط. وفي الحقيقة، فإن الحديث عن اقتصاد ما بعد النفط يعني من وجهة نظر البعض التصدي لتغيير عدد من الحقائق الجوهرية وهي أن النفط يمثل 80% من الإيرادات الحكومية ونحو 70% من الصادرات و30- 50% من الناتج المحلي والاستعاضة عنها بأنشطة ومصادر جديدة، في الوقت الذي تبين الإحصاءات أن نسبة مساهمة النفط في الناتج المحلي الإجمالي ارتفعت من 35% في أواسط الثمانينيات إلى 50% كمتوسط في الوقت الراهن.ونحن نسجل أن عصر النفط أدى إلى رفع مستويات المعيشة بشكل كبير في دول التعاون، لكن مخاطر عدم استدامة هذا النموذج دفع الحكومات باكرا إلى البدء بتنويع مصادر الدخل منذ أواخر سبعينيات القرن الماضي. وقد استثمرت مبالغ كبيرة في تطوير قطاع صناعات الطاقة الثقيلة، مثل شركة (سابك) السعودية وألبا في البحرين وتطوير صناعات الغاز في قطر وروجت البحرين لنفسها كمركز مصرفي منذ عام 1975، بينما بدأت دبي منتصف الثمانينيات بإيجاد مناطقها التجارية الحرة. وقد حققت هذه التجارب قدرا كبيرا من النجاح، إلا أنها لم تتمكن من معالجة مشكلة توليد الوظائف للأعداد المتزايدة من الشباب الخليجي، كما تعرض بعضها لفقاعات العقارات، وبرزت مساوئ أعباء هيمنة العمالة الأجنبية الرخيصة على الاقتصاد وأجبر الارتفاع الكبير في أسعار النفط في العقد الأول من القرن الحالي على عودة هيمنة النفط على الاقتصاد.وبعد انخفاض أسعار النفط عام 2014 أطلقت الحكومات الخليجية موجة ثانية من مبادرات التنويع هدفت هذه المرة إلى تعزيز دور القطاع الخاص في الاقتصاد من خلال تحسين بيئة العمل، مثل قوانين سوق العمل، وفك القيود المالية، وعبر فتح الأبواب للاستثمارات الأجنبية المباشرة وتشجيع مبادرات تنويع الاقتصاد في النشاطات الخدمية والصناعية وغيرها.إن اقتصاد ما بعد النفط سيظل هدفا بعيد للغاية، سواء بمعناه الزمني أو بمعناه الاقتصادي. لذلك يفضل الحديث عن اقتصاد يتحول تدريجيا وبصورة متوازنة إلى اقتصاد أكثر تنوعا، يعتمد على إيرادات النفط في إعادة هيكلة الاقتصاد تدريجيا بما يقلل الاعتماد على النفط، كما حدث في التجربة النرويجية، فالنرويج هي خامس أكبر مصدر للنفط، وثالث أكبر مصدر للغاز في العالم. ومع ذلك، فإنها لم تعتمد عليهما لتمويل ميزانيتها، وأبقت إيراداتهما في صندوق لا تأخذ منه إلا ما يعادل 4% سنويًا لدعم الميزانية والباقي يستثمر للأجيال المقبلة، وركزت خطط التنمية النرويجية على التعليم والتقنية والتنمية الصناعية، وكانت نتيجة تلك السياسات الاقتصادية أن انخفض اعتماد وتأثر الاقتصاد النرويجي بتقلبات أسعار النفط وضُبط التضخم وتكوّن احتياطي نقدي كبير في صندوق النفط، وتحسّن مستوى القدرات البشرية. وبما لا يقل أهمية عملت النرويج على تعظيم القيمة المضافة لصناعة النفط من خلال تطوير الصناعات المرتبطة بإنتاجه وتسويقه. وتبرز صناعات ناقلات النفط العملاقة كمثل بارز على ذلك.الموضوع الآخر الأكثر أهمية عند الحديث عن اقتصاد ما بعد النفط، هو التكامل الاقتصادي الخليجي، والتكامل الاقتصادي الخليجي العربي، وهو موضوع حاسم في بناء اقتصادات قوية قادرة على المنافسة وأقل عرضة للتقلبات الاقتصادية والجيوسياسية العالمية. وقد تطرقنا لمثل هذه المواضيع في عدة مقالات سابقة.