11 سبتمبر 2025

تسجيل

بنت الخاطر جابرة الخواطر

29 أبريل 2024

* وقف القلمُ عاجزاً، والعقلُ حائراً، والكَلِمُ صَاغِراً، وأنا ألج أبواب هذه المدينة الفاضلة، وأتفيأ ظلال هذه الدوحة الغناء (لؤلؤة الخاطر) وحقيقةً لم تستعصِ عليَّ الكتابةُ يوماً كما استعصت أمام (اللؤلؤة) فهي بودقةٌ صُهِرتْ فيها معانٍ ومبانٍ قلَّ ما يجمع بينها إلا العباقرةُ وأصحابُ المواهبِ اللَدُّنية والمِنحِ الربَّانيةِ، أولُ سيدةٍ تتولى منصب المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية القطرية وهو منصبٌ تُوزن فيه الكلماتُ بل الحروف بموازين الذهبِ. وإذا كان العلمُ زينةَ المَرْءِ فقد تدثرت (اللؤلؤة) بأعلى درجات العلم (ماجستير العلوم الحاسوبية وماجستير في السياسة العامة) وهي تتهيأ لنيل درجة الدكتوراة في الدراسات الشرقية في جامعة أكسفورد البريطانية. وهي تركز في أبحاثها على مسألة الإسلام والحداثة في سياق النهضة العربية لتقدم جهداً فكرياً يُخْرِجُ الأمةَ من مؤخرةِ الركب البشري لتعيد سيرتها الأولى في مقدمةِ الركبِ الإنساني. أما الوظائف والمناصب التي تقلدتها تَنُمُّ عن مقدرات وكفاءات نادرة ومواهب تستحيل إلا على (اللؤلؤة) وأمثالها من أهل المعرفة والهمة العالية، وزيرة مفوضة ومساعد لوزير الخارجية، ومديرة المشاريع البحثية في مؤسسة قطر ومديرة الجودة والتخطيط في الهيئة العامة للسياحة، وفي المجال العلمي والأكاديمي، محاضرة في معهد الدوحة للدراسات العليا وباحثة في منتدى دراسات الخليج والجزيرة العربية في جامعة أكسفورد، وعضو مجلس أمناء كلية الدراسات الإسلامية، ومجلس أمناء مؤسسة الدراسات الفلسطينية ومجلس أمناء جامعة جورجتاون. وفي مجال الثقافة والإعلام، عضو مجلس أمناء متاحف قطر والمدير التنفيذي لمنتدى الدوحة وعضو مجلس إدارة المدينة الإعلامية، ومساهمات وطنية مقدرة في منصب نائب رئيس إدارة صندوق قطر للتنمية. هذا مدخل واجب ومستحق للشخصية الفذة التي أود الحديث عنها وجهودها وإحساسها نحو الأمة، ولا أملك إلا أن أقول: لو كانتِ النساءُ مثلَ (اللؤلؤة) لفضلتِ النساءُ على الرجال فلا التأنيثُ لاسمِ الشمسِ عيبٌ ولا التذكيرُ فخرٌ للهلالِ وإن كان لكلِ إنسانٍ نصيبٌ من اسمهِ فهي (لؤلؤةٌ) تُرَصعُ صدرَ بِلادِهَا وأمَّتِها وتَحْمِلُ قِيمَهَا الحضاريةَ والإنسانيةَ والجماليةَ... وهي (الخاطر)... وجَبْرُ الخَوَاطِرِ خُلقٌ ومهارة لا يجيدها إلا أصحابُ القلوبِ الكبيرةِ والرحيمةِ. (أقول لكم: إننا وكلُّ أحرارِ العالمِ معكم.. والحق والإنسانيةُ معكم.. واللهُ جلَّ في علاه معكم) هكذا نزلت كلماتها برداً وسلاماً وطُمأنينةً علىَ أَهلِ غزة. وأضافت: (وأَيم اللهِ يا أهلَ غزةَ لقد أحييتم الموات، وأيقظتم إنسانيةَ العالم بعد سُبات. قَبْلَكُم كانت الكلماتُ جوفاء، وكلُّ الحكايا مكررةً، وكلُّ معاركِنا اليوميةِ تافهةً، وكلُّ الخطاباتِ والبياناتِ لا معنىَ لها (...) ثم جاءت غزةُ لتُعيد ترتيبَ أولوياتِ هذا العالم، ولا أبالغ إذا قلت: إنكم اليوم تُعيدون لنا جميعاً إنسانيتَنا التي سُلبت مِنا أو ربما نسيناها). كلمات تقع على المغتصبين الظالمين أشدَّ من نَضْحِ النّبْلِ، وتَشفي صدور قومٍ مؤمنين. كما أكدت أن سكان القطاع هم اليوم من يدفعون الثمن: (ثمن فضح ازدواجية المعايير، ثمن كسر آلة الاحتلال المتغطرسة، ثمن المنافحة عن مقدسات مليارات من المسلمين والمسيحيين حول العالم). ولأن قلبها معلق بقضايا الأمة فهي لا تشغلها قضيةٌ عن أخرى لذلك جاءت زيارتُها للسودان كما تقول: (لتذكير العالم الذي يبدو وكأنَّه قد تناسى ما يمر به هذا البلدُ العريقُ والكبيرُ وشعبُه العزيزُ الكريمُ من مأساةٍ إنسانيةٍ طاحنةٍ). كما أكدت أنَّ أمنَ السودانِ واستقرارَه هو من أمنِ واستقرارِ المنطقةِ العربيةِ وأفريقيا، داعيةً إلى تضافرِ الجهودِ لإيجادِ مخرجٍ سلميٍ عاجلٍ للاقتتالِ الدائرِ وتوفير الممرات الآمنة والكفِّ عن استهدافِ سلالِ التخزينِ والتوريداتِ الغذائيةِ والدوائية. ولم تذهبْ (اللؤلؤةُ) للسودانِ خاليةِ الوفاضِ، بل مستصحبة معها جسوراً جويةً محملةً بعونٍ إنسانيٍ مقدرٍ، ومحملةً بحبِ ووفاءِ أهلِ قطر قيادةً وشعباً لإخوتهم في السودان. الحديث عن قطر وأهلها حديث ذو شجون ضمخته (اللؤلؤة) بعطر فواح وعبقزكي لا يعبر عنه إلا قول الشاعر: إن الكريم لكالربيع تحبه للحسن فيه وتَهشُّ عند لقائه ويغيب عنك فتشتهيه وإذا الليالي ساعفته فلا يدل ولا يتيه كالورد ينفح بالشذى حتى أنوف السارقيه شكرا لقطر التي أنجبت من أمثال اللؤلؤة ما تقر به عين الأمة. وليس غريباً على قطر وأميرها المفدى سمو الشيخ تميم ومن قبل سمو الأمير الوالد الشيخ حمد هذه المواقف التي تسجل بأحرف من نور على صفحات من ذهب، ودمتم رمزاً للخير والعطاء.