11 سبتمبر 2025
تسجيلتقرأ كتابها الصغير، وتصغي لما حولها في صمت رهيب، تدرك في قرارة نفسها أن تلك الكلمات التي تناظرها قد أعادت تكرارها مئات المرات، ترتشف شيئاً ملبداً في نفسها، فقد أدركت في لحظة سكون أن قلمها استسلم للخمول، وضيع الحروف في إكمال الكلمات، ويستلقي على راحة يدها متردداً. فمتى يعلن اشتياق الارتواء من حقيبة اللغة، ليتشرب أمله ويعود لإدراج نشاطه وعمله الدؤوب، فلا أريد عقاربه أن تتراجع للخلف، أريده كما عهدته يمشي مع عقارب الساعة. نعم.. أهذا قلمها! أم نفسها أصابها الخمول، وتتراجع للذبول، وتضع كاهل عاتق الحمل على ذاك القلم الذي لا يزفر أنفاسه ويرتشف الرحيق ويستنشق الهواء إلا منها، فتضع ملامة جفاف الفكر، وتجاعيد أنامل ماتت برقتها مع انشغالات الحياة ومعتركاتها. ماذا يحدث لتتزامن مع الزمن الحالي وتواكب مروره قبل أن ينفذ الوقت منها، فهي في تراجع وتتجه اتجاهاً عكسياً وتنازلياً، ويراودني شعور كيف أعيد هذه الحياة التي تحتاج إلى ارتواء وسقاية لتلك الجذور الناشفة لتستمد رونقها وإنتاجها في العطاء. أخذت ورقة بيضاء ومددتها لها قائلا: خذي خربشي وخربشي ما استطعت لذلك سبيلاً، نظرت لي تستنكر حديثي، فلم أرع لنظرتها اهتماما وأومأت برأسي لها بالإيجاب بأن تنفذ مطلبي، وأردفت أحدثها: فأنا دائماً طوع إشارتك وأمرك، فكوني اليوم طوع أمري فكلانا يحتاج الإشراق، فلم يتبق شيء من الوقت لنواكب عقارب الساعة. وأدرت رأسي على الورق وخربشت، وخربشت.. وأثقلت في شكل الدوائر إلى أن شعرت بدوار رأسي فعلمت أن هذا هو سبب ما يفقد حيويتها ويغمس ظلام نورها، تراكمات، دوامات، تساؤلات واستفهام، واستمددت قوتي من نخرها العميق فهي تخرج تلك الطاقة السلبية الجنونية وتثير جنوني معها، إلا أن شعرت بأن تلك الدوامة قد هدأت وأن الدوران بدأ يتجه اتجاه الزمن الحالي وأرخت يدها عني، وأصابتها نوبة من الضحك الباكي، ولم أتمالك نفسي وبادلتها ذلك الشعور وضحكت وزادت القهقهات وتعالت. وأخذتني بين يديها وتأملتني برقرقة دمع عكس بريقه ببرقة عينيها، وخطت على صدر الورقة ها أنا ذا لا تهزمني العثرات، أفاقت الحروف من سباتها وأشرقت، وعدنا لإدراج النشاط.