10 سبتمبر 2025
تسجيلتتشابه أيامنا بتفاصيلها المعتادة، وربما نحن نراها هكذا وستختلف في الأيام القادمة، لأن القادم تفاصيله تختلف عن الأيام الأخرى بخفة قدومه وسرعة ذهابه دون أن نشعر به، فيه هداية وتبشير وصبر على تحمل الصعاب ننتظره بشغف. ولكي أكون منصفة فأيامنا مبهجة ولكنها متثاقلة بالروتين والانشغال، وربما أسلوب حياتنا هو ما يحتاج أن نفكر فيه بطريقة مختلفة. هل هلالك يا رمضان وآن معك وقت التغير ببركاتك وفضلك.أتذكر بداية استعداد أمي الحنون وهي تأخذ كومة الثياب وتبدأ بغسلها طهارة لرمضان. وتأخذ الكنابل وتقوم بغسلها وتبديلها. ومن ثم تجمعنا حولها لنتعلم النية لشهر رمضان. كان ذلك زمن الطيبين الذين تعلمنا منهم وما زلنا نقتدي بهم ونحذو حذوهم. المبهج في الأمر التسوق وإعداد الأطباق المتنوعة في رمضان والبحث في المجلات عن الطبخات الجديدة التي نزين بها سماط العائلة، ناهيك عن تبادل تلك الأطباق بيننا والجيران. والأجمل من ذلك إرسال أطباق متنوعة من الأكلات إلى المسجد لتكون صدقة جارية يؤجر عليها. ومن الذكريات الجميلة والتي ما زلت أقوم بها دعك التمر وإخراج اللّب منه ثم تسخينه بعد وضع الهيل المطحون والسمن البلدي عليه، بعدها نقوم بتدويره على راحة اليد وحفظه في علبة. ومن أكلاتنا الشهيرة المتداولة السمك المشوي والأرز الأبيض المعبوك بالسمن والمضروب جيدا بمضرب اليد، وهناك الهريس والعصيدة والشوربة التي لا غنى عنها على سماط الشهر الكريم، وربما تتشابه أكلاتنا الشعبية بين دول شبه الجزيرة العربية باختلاف مسمياتها. أذكر في الثمانينيات ــ ومن الذكريات الجميلة ــ في مدينتي صلالة إطلاق صوت المدفع ليذكرنا وينبهنا بأن الأذان أذن وحان وقت الإفطار وكان أول مرة أسمع صوت المدفع في الثمانينيات. وهذا شعور يشعرك بالغبطة بعد جهد جهيد لإعداد الطعام. وأقول في حديثي زمن الطيبين لأنه بالفعل بقدر ما نحن فيه من ارتياح وسعة رزق وخدمات بعد النهضة المباركة إلا أن ذكريات الطيبين برغم التعب والفقر وعيشة الضنك لم تمحَ من الذاكرة بجزئياتها وتفاصيلها لعلها نعمة القناعة التي وهبها الله لهم لبث روح الأمل فيهم. وأيضا لا أنسى تلك العادة الرمضانية «قرنقشوه» التي لا أرى فائدتها سوى سعادة عيون الأطفال وإبهاجهم وهم يستقبلون الحلويات والنقود من زياراتهم للمنازل ولا أدري أهي عادة دخيله علينا أم تقليد تعودنا عليه سنويا. وتشترك معنا الدول الأخرى فيها بمسمى أخرى كقرقيعان. في النهاية لن نحصي اللّحظات الجميلة لهذا الشهر. ونفتقد للغيبيات التي خصها الله تبارك وتعالى للإنسان، وقبل أي شيء آخر هو شهر للعبادة والاستغفار وتربية النفوس وتهذيبها. رمضان أتى ليجمعنا حاملا معه التباشير والثواب والتجمع والترابط بين المسلمين.