02 نوفمبر 2025
تسجيلالبيئة الاقتصادية الخصبة التي هيأتها قطر لنمو المشروعات بمختلف أطيافها ولرواد الأعمال والمستثمرين، عملت على تنامي الطلب عليها للاستفادة من الإجراءات والآليات الممهدة لتنفيذها، إذ تعتبر الأدوات التشريعية في أي قطاع هي المحرك الفاعل لتأخذ طريقها بسلاسة.فقد تصدرت الدولة مؤخراً المؤشرات الاقتصادية العالمية، واحتلت المركز السابع عالميا والأول عربيا، بفضل مرونة التشريعات وفق تصنيف جلوبال للعام ٢٠١٤، مما يشير إلى سلاسة منظومة الإدارة الاقتصادية وحركة الإنشاءات في البنية التحتية أسهمت في صياغة بيئة أنشطة الأعمال. ويلعب عامل الأمن والأمان دورا مؤثرا في استقرار السوق الكلي وكفاءة أسواق السلع والعمل. ومن المرتكزات التي ترتكز عليها البيئة هي ارتفاع نصيب الفرد من الناتج المحلي والاستقرار وقدرتها على التعامل مع المخاطر والأزمات المفاجئة.كل ما ذكرته هيأ مناخاً مناسباً لأجواء الاستثمارين المحلي والأجنبي، ورغم المخاوف التي تجتاح أسواق المال وتذبذب أسعار النفط بين فترة وأخرى، إلا أن توجه المستثمرين ورؤوس الأموال للاستفادة من منطقة الخليج في اقتناص الفرص من مشروعات وتعاقدات يتطلب مزيداً من التحفيز، ومحاولة طمأنة أصحاب المبادرات أن المشروعات في نمو متزايد بفضل العقود طويلة الأمد المبرمة مع شركات.أما التحفيز فقد أخذ شكلاً مؤسسياً من خلال استقطاب رجال الأعمال والشركات عبر منظومة القطاع الحكومي الداعم للشركات القطرية الناهضة، منها شركة مناطق الاقتصادية التي وفرت مناطق إستراتيجية لاستقطاب الصناعات ذات القيمة المضافة بالإضافة إلى الخدمات اللوجستية والإدارية التي تعمل على توفيرها للمستخدمين، ولتهيئة فرص عمل جديدة، وفتح منافذ واعدة لأصحاب المشاريع، وهناك حاضنات المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وبنك التنمية الذي يقدم للقطاع الخاص فرص التمويل الممكنة، بالإضافة إلى أولوية التعاقدات في مشروعات البنية التحتية للشركات القطرية، وفتح فرص الاستثمار في الخدمات والسياحة والتقنية.. وهي أمثلة موجزة.إلى جانب ذلك فقد هيأ القطاع الخاص فرص الاستفادة من الخبرات من خلال المؤتمرات والمنصات الاقتصادية الثقافية التي تعقدها الدولة دوماً، وهي بمثابة بيئات ثقافية وحوارية لتبادل الخبرات والمعارف والرؤى الاقتصادية المعاصرة.هنا.. أعود بذاكرتي إلى الوراء.. وتحديداً مدينة (كوفنتري) بالمملكة المتحدة التي قضيت فيها سنوات طويلة، وإحدى المدن الصناعية المهمة التي تضم كبريات مصانع السيارات والآليات الضخمة، حيث تحولت هذه المدينة بفضل خبراتها التراكمية عبر السنوات إلى مدن الخبرة في الصناعة.وهذا ما تحدثت عنه من أنّ القطاع المؤسسي بالدولة هو الذي يهيئ فرص الاستفادة للشركات والمبادرين ورجال الأعمال من خلال بيئات الأعمال، فقد كنا كباحثين نعايش يومياً حركة صناعة المركبات في مصانع (كوفنتري) من الفكرة إلى التصميم ودراسة الجدوى والابتكار والإنتاج، وكان الصانع يرافق الروبوت الآلي في كل عملية تصنيع، حيث كان الإنسان الآلي وقتها خرافة علمية، فيما هو اليوم حقيقة لا يمكن الاستغناء عنها في الإنتاج الصناعي، كما أنّ بيئات المعاينة ومعايشة واقع الخبراء والمصانع وفنييّ الصناعة والتجارة والتسويق يعمل على خلق مفاهيم إنتاجية واقعية تتناغم مع العصر، وتلبي احتياجات الحاضر.. هذا ما أعنيه ببيئة العمل.فبيئة الأعمال كما أراها هي المعايشة ومرافقة الخبرة، وربط الجانب العلمي بالحاجة، ومواكبة المتغيرات السوقية بالتقلبات المالية إذ إن المال عصب أي عمل، وإلى جانب هذا كله لا بد من ربطه بالثقافة الرقمية.كما لا تنفصل بيئة الأعمال عن مفهوم التنافسية التي تعد مكوناً بالغ الأهمية لها، وهي الضامنة لاستمراريته.هذه البيئة التي أتحدث عنها نفتقدها في منطقة الشرق الأوسط في الوقت الراهن، بل هي بالغة التعقيد بسبب عوامل النزاعات والتوتر الذي يسود المنطقة، وتراكم الديون الأوروبية، وانخفاض أسعار النفط التي أدت بالتنافسية إلى الدخول في هوة جديدة.وفي منطقة الخليج فإنّ بيئات الأعمال أحسن حالاً من مثيلاتها، بفضل الدعم الحكومي أولاً، إضافة إلى الدعم اللوجيستي الذي توليه المؤسسات لأصحاب الأعمال، وهناك فرص كبيرة وجادة بالفعل لتحفيز رجال الأعمال والمبادرين والمستثمرين إلى خوض التنافسية، إضافة إلى الحراك الإنشائي والاقتصادي وتعدد مشاريع التنمية التي خلقت بيئة مهيأة للتنافس.