16 سبتمبر 2025
تسجيلافتقدنا الدراما الهادفة التي تتناول قضايا اجتماعية يعانيها المجتمع وتعالجها بمعالجة درامية جميلة ومحترمة وتضع الحلول المناسبة لها، حتى أن القليل النادر منها من قد يلفت انتباه ولي الأمر أو المسؤول لمدى أهمية القضية المثارة والتي قد تأخذ أبعاداً اجتماعية تقتضي التدخل العاجل من أجل منع تفاقمها وإيجاد الحلول المناسبة لها. ولعلنا نستذكر من هذه الدراما ما قدمه المسلسل القطري فايز التوش خلال سنوات الإبداع الدرامي التي خلت ولم تتكرر، وما طرحه المسلسل من قضايا اجتماعية بأسلوب كوميدي جميل أجاده الفنان القدير غانم السليطي وزميله الفنان الجميل عبدالعزيز جاسم رحمه الله وفريق العمل، حتى أن بعض مسلسلاته كأنها تستشرف المستقبل وتتناول قضايا نعانيها في وقتنا الحاضر، بل إن مقاطعه الجميلة لازالت تتداول حتى وقتنا الراهن على مواقع التواصل الاجتماعي ولسان حال متابعيه يتغنّون بماضي الدراما القطرية وما كانت تحتله على صعيد الدراما الخليجية ! ولهذا الحديث صلة بما أردت أن أتناوله في مقالتي هذه، فقبل يومين تناولت حلقة من المسلسل السعودي « طاش ما طاش « قصة كاتب عمود صحفي مرموق في إحدى الصحف المهمة أنهت الصحيفة خدماته ليصبح أسيراً للعيش بلا عائد وسط ظروف الحياة الصعبة التي يعيشها بين رسوم دراسة إحدى أبنائه والتكاليف الأسرية الأخرى، بالإضافة إلى صدمته من المجتمع بأنه لم يفتقده أحد رغم أنه كاتب يشار له بالبنان ويتناول القضايا المهمة التي تهم المجتمع، ليضطر مجبراً أن يساير رتم الحياة الجديدة وينضم لركب المهووسين بمواقع التواصل الاجتماعي ومشاهيره، ويضطر بأن يقبل عرضاً مغرياً من إحدى الفاشينستات التي تقدم المحتوى التافه والهابط ليُجبر بأن يحيد عن أسلوبه الراقي المحترم في الكتابة لينزلق إلى ما يستهوي الجماهير الغفيرة من متابعي هؤلاء المشاهير ! اضطر هذا الصحفي الذي كان على مدى 20 عاماً مثالاً للكاتب الذي يصدح بالمواضيع الهادفة والمحترمة التي تلامس واقع مجتمعه وتسعى لمعالجة قضاياه، اضطر أن ينسف هذا التاريخ حتى يستطيع أن يتغلب على ظروفه المعيشية ويحقق الثراء بـ «أتفه» و «أرخص» الأساليب، حتى وصل به الحال بأن يصف «التفاهة» بأنها أسلوب ونسق رائع لا بد أن نحرص على انتقاء «أتفهه» !! هذا هو واقعنا للأسف، فلا مكان لمقدمي المحتوى الراقي والمحترم في زماننا الراهن في ظل التزاحم والتسابق المحموم في عالم مواقع التواصل الاجتماعي، وما وصل إليه المجتمع من مستوى هابط في متابعة السفهاء والتافهين من مشاهير التواصل الاجتماعي، ومن أراد أن يُخالف هذا الركب فليتقوقع على نفسه ويبحث عن هاتف محمول من الطراز القديم بلا منصات تواصل اجتماعي ولا يحزنون، وليقاطع الجميع الذين باتوا أسرى وضحايا لمستنقع التفاهة الذي أغرق الجميع !! ● فاصلة أخيرة في الماضي كان المجتمع يتابع ويقرأ ويسمع للمذيع المتألق والكاتب المرموق والفنان المبدع ويحفظ أسماءهم وصورهم وكانوا يقدمون القيم والمبادئ النبيلة ويرسخونها في أذهان متابعيهم، أما الآن فقد أصبحت القيم والمبادئ منبوذة ومُستغربة في حضرة تفاهة العديد من المشاهير وجماهيرهم !