18 سبتمبر 2025

تسجيل

عودًا حميدًا

29 مارس 2023

كان هادئًا ومتزنًا كما عهدته منذ سنين طويلة، استقبلني في مكتبه بابتسامته الودودة ومحياه البشوش، وكان راقيًا في جلوسه وحديثه، ترك مكتبه ليجلس أمامي مباشرةً، وتجاهل هاتفه الذي لم يتوقف عن الرنين، وأقبل علي بوجهه ووجدانه تملؤه الحيوية والأمل، ورغم ما يحمله بين حناياه من هموم ومشاغل فرضها عليه الواقع الجديد إلا أن ذلك لم يمنعه من مشاركتي أفكاره، وكأنه يبحث عن شيء جديد مختلف يشكل انطلاقة غير عادية ونقلة نوعية في مجال الإعلام المقروء. عاد من جديد ليرأس تحرير صحيفة الشرق القطرية بعد أكثر من ست سنوات، عاد وقد تغير المشهد تغيرًا جذريًا يستوجب خطوة إلى الخلف والنظر بعين البصيرة قبل مواصلة المسيرة، عاد مستوعبًا للتحديات التي تواجهه وعازمًا على ملء كامل فراغ الأفق الجديد الذي خلفته المستجدات الداخلية والخارجية، لمست في حديثه الشغف للبناء لا الهدم، وللإيجابية لا السلبية، وللواقعية لا الخيال. تحدثنا عن الوسط الإعلامي المحلي وكيفية الطريق إلى تطويره ليصبح أكثر واقعيةً وتأثيرًا وانتشارًا وشموليةً، وعن كيفية الارتقاء بالخطاب الإعلامي ليواكب تطور المجتمع ويعكس تطلعاته، كما تحدثنا عن الطريق للاستفادة من إنجازات الدولة واستثمار مكاسبها على الصعيدين المحلي والدولي وكيف للمؤسسات والأفراد أن يوظفوا ذلك لخدمة المجتمع وبناء غدٍ أفضل. تحدثنا عن الثابت والمتغير في المشهد السياسي والاقتصادي على المستويين الدولي والإقليمي وعن أهمية دراسات استشراف المستقبل للمنطقة في ظل التحولات الإستراتيجية والجيوسياسية التي يشهدها العالم والتي تمثل مجالًا خصبًا للكتاب من المهتمين بهذا المجال وعن كيفية استقطابهم وتحفيزهم. كان الحديث مفعمًا بالإيجابية والنظر إلى المستقبل وبعيدًا عن السلبية واجترار الماضي، لقد حثني على العودة للكتابة من جديد في صحيفة الشرق التي احتضنت أول مقال لي قبل أكثر من خمس عشرة سنة، وهذا شرف لي قد أعجز عن الوفاء بمتطلباته كما كنت في السابق ولكن كما قيل «ما لا يدرك كله فلا يترك جله». انتهت المقابلة مع الأستاذ جابر الحرمي الذي زرته لتهنئته بعودته الحميدة لصحيفة الشرق القطرية، مرت دقائقها بسرعة لكنها تركت أثرا إيجابيا في وجداني، فالإيجابية تشكل قوة جبارة يمكنها أن تغير حياتنا بطرق لا تعد ولا تحصى، عندما نحافظ على نظرة إيجابية نكون أكثر مرونة في مواجهة التحديات، ونجذب الخبرات الإيجابية والأشخاص الإيجابيين في حياتنا، ونجد السعادة حتى في أصغر اللحظات.