09 سبتمبر 2025
تسجيليقول أحد المسؤولين: قبل أكثر من عشرين عامًا كنت أعمل مديرًا لإدارة المشاريع في إحدى مؤسسات الدولة، لاحظت أن أحد المهندسين يحاول جهده أن يحضر دورات متخصصة في إدارة المشاريع وبطريقة انتقائية لفتت انتباهي، وكنت أقول في نفسي لا بد أن هناك سرًا وراء انخراطه في هذه السلسلة من الدورات المترابطة، والتي كان يحرص عليها بغض النظر عن مكان انعقادها خلافًا لما اعتاد عليه معظم الموظفين الذين يطالبون الإدارة بحصتهم من التدريب ويهتمون بمكان انعقاد الدورات أكثر من اهتمامهم بمضمونها. وعندما سألته عن الدافع وراء حضوره لتلك الدورات اكتشفت أن لديه هدفًا يسعى لتحقيقه وهو الحصول على شهادة متخصصة في إدارة المشاريع من إحدى الهيئات المعترف بها دوليًا، تلك الهيئة تصدر شهادة “مدير مشاريع محترف”، لقد كان لديه هدف واضح وهو الحصول على تلك الشهادة الاحترافية، لذا لم أجد بدًا من أن أقف معه بكل ما أستطيع حتى حقق ذلك الهدف وأصبح أول مهندس محترف في إدارة المشاريع في الدولة، لقد رأيت في ذلك الهدف مكسبًا للجميع ويستحق التضحية من أجله. لا شك أن عملية التدريب مهمة جدًا من حيث إنها فرصة لرفع كفاءة الموظف أو لاكتساب خبرات ومهارات جديدة وحسب بعض المصادر الدولية تنفق المؤسسات في الغالب ما بين 1 إلى 5 في المائة من إجمالي رواتب الموظفين على التدريب في جميع المجالات، وهذا يدفعنا للتساؤل عن مدى جدوى ذلك الإنفاق، وبمعنى آخر ما هو العائد على عملية التدريب؟، هل هناك مؤشرات لقياس أثر التدريب؟، هل نهتم بتقييم مقدم الخدمة لمعرفة جدوى التعاقد معه مرةً أخرى؟، هل نقوم بما يلزم لمعرفة مدى حاجة ومطابقة الدورات التدريبية للمرشحين لها؟ إن التدريب «الفعّال من حيث التكلفة» أو ما يسمى بـ “Cost effective” أمر ضروري لضمان حصول الموظفين على المهارات والمعرفة التي يحتاجون إليها للنجاح، كما يساعد التدريب على زيادة رضا الموظفين عن وظائفهم، وخفض معدلات دوران العمالة، وتحسين الإنتاجية الإجمالية، كما أنه يخلق شعورًا بالولاء بين الموظفين، فعندما يستثمر فيهم يصبحون أكثر ميلًا للبقاء في المؤسسة. وعلاوة على ذلك، يمكن أن يساعد التدريب “الفعّال من حيث التكلفة” الشركات على توفير المال على المدى الطويل من خلال تقليل الأخطاء وزيادة الكفاءة، ومن خلال الاستثمار في الموظفين يمكننا تجنب الأخطاء المكلفة في المستقبل والتي قد تؤدي إلى خسارة الأرباح أو إهدار الموارد. لذا ينبغي للمؤسسات العمل على تطوير استراتيجيات تدريبية فعّالة من حيث التكلفة دون التنازل عن الجودة وذلك باستخدام التقنيات والأساليب المبتكرة لتحقيق أقصى استفادة من الميزانية المخصصة للتدريب.