09 سبتمبر 2025

تسجيل

بعد الياسين هنيّة.. ولن تكون هنيّة

04 أغسطس 2024

يا غارةَ اللـــــــه إنَّ الخَطْبَ قَدْ عَظُمَـــــــــا وحُقَّ للعين أن تبـــــــكي الفُــــــــــراق دَمَا عظّم الله أجركم في شهيد الأقصى وفقيد الأمة رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية الشيخ المجاهد إسماعيل هنية طيب الله ثراه وتقبله في الشهداء والصالحين، وجزى الله عنه وعن رفاقه كل ما قدمته دولة قطر حكومة وشعبًا خير الجزاء لموقفها النبيل وعطائها الكريم وشهامتها المنقطعة النظير تجاه قضايا الأمة خاصة والمظلومين في بقاع الأرض عامة وهذا والله من علو الهمة ورفعة الشرف. نعود بالذاكرة إلى الانتفاضة الفلسطينية الأولى في عام 1987م والتي بدأت بعد سنتين فقط من إطلاق سراح الشيخ أحمد ياسين من معتقله الأول، والتي سمّيت آن ذاك بانتفاضة أطفال الحجارة، في تلك اللحظة الفارقة أسس الشيخ أحمد ياسين ورفاقه حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، ثم اعتقلته السلطات الإسرائيلية مرة أخرى في عام 1989م، إلا أن الانتفاضة واصلت زخمها حتى عام 1991م، ثم هدأت، ثم توقفت نهائيًا إثر توقيع اتفاقية أسلو عام 1993م. ثم أطلق سراح الشيخ أحمد ياسين عام 1997م إثر عملية تبادل أسرى قامت بها الأردن مع إسرائيل مقابل عميلين إسرائيليين حاولا اغتيال السيد خالد مشعل في عمان، ثم انتقل الشيخ أحمد ياسين إلى غزة ليصبح أيقونة المقاومة ووقودها حتى اغتياله في عام 2004م بيد الغدر الصهيونية بصاروخ وهو خارج من المسجد بعد أن أدى صلاة الفجر، فهل اغتيلت المقاومة باغتيال الشيخ ياسين؟ أو أنها خمدت باغتيال كوكبة من المجاهدين بعد ذلك. وكما أن اغتيال المجاهد السوري عزالدين القسام على يد القوات الإنجليزية في عام 1935م أدى إلى تأسيس كتائب القسام في عام 1991م بعد كل تلك السنوات، وهي الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، ها نحن نشهد وبعد عشرين عامًا فقط من اغتيال الشيخ ياسين أولئك الأطفال الذين تربوا على يده وكانوا يقذفون الحجارة بالأمس، هاهم يقذفون دبابات العدو بقذائف الياسين، لقد تحول الشهيد المجاهد إلى قذيفة وتحول الأطفال إلى رجال يزلزلون الأرض تحت أقدام العدو، ويقذفون ثكناته وتجمعاته بالقذائف التي صنعتها تلك الأنامل التي قذفت الحجارة بالأمس. شَعْبٌ يُصَيّـــــــــر كُـــــــلَّ مَقْتَـــــــــــلِ قــــــائــــــدٍ رُمْحًــــــــا وسَـــــــيفًــــــا قاطِعًـــــــــا ولهيبــــــــا لقد أصبحت المقاومة معادلة صعبة أشكلت على عواصم الاستكبار العالمي فشعارها لا يقبل القسمة على اثنين، إما النصر وتحرير كامل فلسطين أو الشهادة، وهكذا تصاعدت قوة المقاومة وعقيدتها القتالية خلال عقدين من مقتل زعيمها ومؤسسها، وهانحن اليوم نشهد تكرار نفس العملية الغبية من دولة الإحتلال حيث اغتالت يد الغدر الصهيونية الشيخ المجاهد إسماعيل هنيّة في محاولة أخرى يائسة لإخماد المقاومة والقضاء عليها، وذلك مؤشر لهزيمة الكيان المحتل وإفلاسه على أرض غزة تمامًا كما هو مؤشر لقرب النصر. وعلى العكس من ذلك تمامًا كان تقهقر الموقف العربي للأسف على مدى العقود الثلاثة الماضية، حيث بدأ بإغلاق مكاتب مقاطعة إسرائيل في الدول العربية مع بداية التسعينيات، مرورًا بمعاهدة ما يسمى السلام في أسلو عام 1993م، ثم شهدنا عمليات تطبيع من بعض الدول العربية بلا مقابل حقيقي، وانتهى بنا المطاف للأسف أن تُتهم المقاومة بالإرهاب وتُشوه إعلاميًا ويُشكك في عقيدتها ودينها وولائها من قبل قنوات مأجورة ومنابر مشبوهة تستضيف من هم محسوبين على الفكر والسياسة والعلم الشرعي، وصدق المتنبي حيث قال: لا يســـــــــلم الشــــــــرف الرفيــــــــع من الأذى حتى يـــــــــــراق علـــــــــى جوانبـــــــــــــــه الدمُ إن المعطيات الجديدة التي فرضتها المقاومة على جميع أطراف الصراع في فلسطين المحتلة تجعلنا أكثر إيمانًا بنصرٍ قريب من أي وقتٍ مضى فذلك وعد الله ولن يخلف الله وعده، وكما أن المقاومة تصاعدت كمًا ونوعًا منذ اغتيال مؤسسها فنحن على يقين بأن اغتيال رئيس المكتب السياسي ستكون له تداعيات على كل الأصعدة، وسيكون له أثر كبير على أرض الميدان فقد نسمع قريبًا عن مقذوفٍ باسم هنيّة ولكن لن يكون هنيّة على المحتل بكل التأكيد.