14 سبتمبر 2025

تسجيل

ساسة العالم في الدوحة لحوارات على الهواء مباشرة

29 مارس 2022

بعد غياب جاوز العامين عاد "منتدى الدوحة" ليمارس دوره المعتاد، لجمع نخبة عالمية لحوار مفتوح في قضايا الساعة. كان سبب احتجاب المنتدى "جائحة كورونا" التي فرقت أفراد الأسرة الواحدة، وفرضت الحجاب على الصغير والكبير وأغلقت المعابد وفرقت صفوف العابدين وأغلقت المدارس والجامعات ودور اللهو ولم يبق لها إلا إعلان حالة الطوارئ في كل عواصم الدنيا وما برح الجدل عن أسباب انتشار ذلك الوباء "كوفيد 19" محير الباحثين. عاد المنتدى ليكون عنوانه "التحول إلى عصر جديد" في ظل ظروف دولية حالكة السواد وتحديات غاية في الخطورة تفرض واقعها على البشرية مثل تغير المناخ والأمن السيبراني والأمن الغذائي وأزمات الطاقة والحروب الاقتصادية وانتشار ظاهرة الشعبوية، واللاجئين، إلى جانب عوامل أخرى، تنخر في الجسد العالمي وقيادات شيمتها خلق النزاعات وتأجيج الحروب. (2) افتتحت أعمال "منتدى الدوحة" بخطاب جامع شامل ألقاه سمو أمير البلاد الشيخ تميم بن حمد آل ثاني حدد فيه الأزمات التي تعتصر العالم وتهدد وجوده، جاء في خطاب سموه "إن العالم اليوم وصل إلى مرحلة مفصلية تتطلب مراجعات جذرية وعلينا أن نقف وقفة جادة لتحديد مستقبل النظام الدولي". في إطار مطالبة سموه بوقفة جادة لتحديد معالم النظام الدولي الجديد الذي يلوح في الأفق كان سموه القائد العربي الوحيد الذي حذر بكل وضوح "من الأصوات الشعبوية ذات النبرة الإقصائية في زمن التوترات المجتمعية والانكماش الاقتصادي" وضرب مثلا لتلك الظواهر الإقصائية التي أخذت تتصاعد في الزمن الراهن "ظاهرة الإسلام فوبيا" وأكد أن هذه الظاهرة ليست محصورة في قوى اليمين الشعبوي المتطرف الذي يجتاح أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، إنها تحتاج إلى وقفة حازمة وجادة ضدها كتلك التي شهدها العالم في الوقفة ضد التمييز العنصري وضد العداء للسامية مع ملاحظة الواجب التنبيه إليها هي أن "تهمة العداء للسامية باتت تستخدم وعلى نحو خاطئ ضد كل من ينتقد السياسة الإسرائيلية، الأمر الذي يضر بالصراع ضد العنصرية والعداء الفعلي للسامية". لقد راح سموه يذكر العالم بالملايين من الشعب الفلسطيني الذين عانوا وما برحوا يعانون من الاحتلال الإسرائيلي وممارساته العنيفة ضد شعب احتلت أرضه بقوة السلاح وشرد من أرضة ومن بقي منهم جرد من السلاح ليواجه قوى الاحتلال المسلحة التي تعبث بمزارعه وممتلكاته وأسرته دون رادع، ولم ينس سموه مأساة الشعب السوري العظيم والشعب الأفغاني الذي فشل المجتمع الدولي في إنصافهم. والحق لم يبق إلا قطر وقادتها وإعلامها يتحدثون عن الحقوق الشرعية للشعب الفلسطيني وما يعانونه تحت الاحتلال الصهيوني ونذكر أن العرب الذين يعتقدون أن إسرائيل هي المنقذ لهم ولحكوماتهم من إيران فإنهم يشبهون المستجير من الرمضاء بالنار. إن دعوة سمو الأمير إلى إعمال الحوار بين الحكومات من طرف وبين الحكومات والشعوب من طرف آخر ضرورة إنسانية لتلاشي الحروب والقضاء على الطموحات التوسعية على حساب الدول الأقل قوة وتسليحا. إن دولة قطر وقيادتها السياسية تعمل بكل جهودها من أجل تحقيق السلام والأمن والتعايش للجميع، إننا كما قال سموه "نتطلع إلى عصر تتحقق فيه العدالة الاجتماعية" لجميع الشعوب. (3) لقد كان "منتدى الدوحة" بحق منتدى عالميا، إذ إنه ضم قامات سياسية عالية المستوى ورؤساء حكومات ودول شتى ومفكرين وكتابا ومنظمات حقوقية وصحفيين وقد صيغت مادة جدول الأعمال بحرفية بالغة الدقة شارك في مناقشة بنود جدول الأعمال أكثر من 200 شخص، رؤساء دول وحكومات ومتنفذين في دولهم إلى جانب مفكرين وباحث ومتخصص وكان من بين تلك القضايا على سبيل المثال قضايا اليمن وأفغانستان وفلسطين وأزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية وآثارها على الأمن والسلم الدوليين إن هي استمرت. (4) ولما كانت دولة قطر قد حققت إنجازات على الساحة الدولية في حل كثير من النزاعات والصراعات كان آخرها القضية الأفغانية وانسحاب أمريكا وحلف الناتو من أفغانستان وهذه جمهورية تشاد تنشد العون من القيادة السياسية القطرية للتوسط لحل النزاع بين الأطراف المختلفة داخل جمهورية تشاد. سيكون سعيا مشكورا وجهودا ستلقى ترحيبا من أطراف كثيرة لو ألقت قطر بثقلها للتوسط لإيجاد حل للصراع الناشب بين روسيا الاتحادية وأوكرانيا لأن لها مكانة مرموقة بين أطراف النزاع، وأدواتها في اعتقادي توجيه دعوة إلى حملة جائزة نوبل للسلام وفريق من الدبلوماسيين القطريين وفي مقدمتهم الدكتور مطلق القحطاني صاحب الخبرة والمهارة الدبلوماسية لحل النزاعات والتوجه إلى موسكو ومن ثم إلى كييف عاصمة أوكرانيا لبذل جهودهم من أجل وقف إطلاق النار أولا ومن ثم الشروع في إيجاد الحلول لإحلال السلم والأمن في تلك البقعة من العالم المضطرب. آخر القول: كان منتدى الدوحة شعاع نور يدعو إلى إحلال السلام والأمن لشعوب العالم. كان خطاب سمو الأمير برنامج عمل لذلك السلام. وفق الله دولة قطر في كل جهودها الداعية إلى "التحول إلى عصر جديد".