09 أكتوبر 2025

تسجيل

تعلمنا الكثير

29 مارس 2020

شكرا لكل من التزم بالجلوس في البيت وابتعد عن الكثير من المغريات خارجه ، شكرا لمن استحسن البقاء في الحجر الصحي بعد عودته من البلاد ولم يسر أن يخرج منه بتعهد وهو يدرك أنه لن يستطيع أن يلتزم به . نحن الآن في ابتلاء ومحنة ولكنها بإذن الله هي منحة من الله عز وجل ليرينا الكثير من النعم التي كنا نستمتع بها ولكن لم نكن نلقي بالا إليها ، وأمور كنا نستخف بها ونؤجلها لوقت آخر ولم ندرك أننا سنحرم منها . في هذا الوقت حرمنا من صلة الأرحام ولقاء الأقارب والأصدقاء وكنا نتكاسل في رؤيتهم، ونؤجل زيارتهم ، حرمنا من المساجد وكانت الغالبية من شبابنا يتهاونون في الصلاة فيها ، حرمنا من زيارة بيت الحرام والمسجد النبوي وكنا في انشغال عن ذلك بحجة الوقت والعمل وغيرها من الأمور . منعنا الخروج لاصطحاب أطفالنا إلى الحدائق وكنا نعتذر لهم عن ذلك ونتركهم مع الخدم والمربيات . ولكن كل هذا عاد علينا بالخير ،فها نحن نجتمع مع أزواجنا وأطفالنا ننمي بيننا لغة الحوار والترابط الروحي الذي حرم منه الأبناء ، وأتيحت الفرصة للمرأة أن تنتبه للكثير من الأمور المنسية في بيتها والتي لم تدرك أهميتها من قبل ، أصبح الأب يشارك الأم مسؤولية الأبناء في المذاكرة والرعاية التي انشغل عنها بعض الآباء في أعمالهم ومجالسهم ، تجمع الجميع على سفرة واحدة ، أصبحت الأسرة تأكل من يد الأم ، أصبح الأطفال يشاهدون أداء آبائهم للصلاة ، بدأ التفاهم ولغة الحوار الصحيح بين الأجيال ، وتفهم الوالدين أفكار الأبناء ، قلت المشاكل وهدأت البيوت ، وأصبح هناك إحساس أكبر بالمسؤولية ، تقاربت القلوب واجتمعت ، ومعها تمنى البعض أن يصالح من كان خصمه . ومن ناحية أخرى تفهم من كان بائعا معنى النظافة والاستحمام من بعض الناس والعمالة أن هناك طرقا للبعد عن الأمراض بالنظافة . والأهم من هذا كله أدرك المجتمع بفئاته وخاصة الشباب أن خدمة الوطن شيء جميل ، وأن هناك أعمالا يحتاجها الوطن من أبنائه لأنهم يحبونه ،فرأينا ذلك الشباب والرجال والنساء في الأطقم الطبية تعمل طوال النهار معرضة نفسها للخطر ، رأينا فرق الجيش والشرطة التي تسهر على صحة المواطن والمقيم وتسعى لبعد أي خطر عنه وتسهر طوال الليل وتسعى طوال النهار ،الذين نرفع لهم العقال كما يقولون ونقدرهم على كل ما يبذلونه من جهود . رأينا المسؤولين الذين لا تغمض جفونهم من أجل طمأنة المواطن والمقيم. تعلمنا من هذه المنحة أن التعاون والتكاتف وسماع أوامر أولياء الأمور واجبة ، تعلمنا أن نشارك همومنا مع بعضنا البعض ، وتعلمنا أن كل ابتلاء وراءه جائزة وخير من الله عز وجل. وما لنا إلا الدعاء أن تنقشع هذه الغمة وتعود الحياة إلى أفضل مما كانت ، إلى مجتمع متحاب متعاون بعيد عن التفرقة والحسد وكل ما يسيء لبعضنا البعض والله قادر على كل شيء. حفظ الله قطر وقائدها وشعبها من كل شر ومكروه . [email protected]