23 سبتمبر 2025

تسجيل

التعليم الافتراضي.. والمسؤولية المشتركة

29 مارس 2020

لا شك أنها تجربة جديدة فرضتها الظروف الوبائية التي غزت العالم بأكمله، تتعرض للعوائق والعراقيل وهذا طبيعي حسب البيئات والإمكانيات ونوعية البشر ومفاهيمهم في القبول والرفض، إنها تجربة التعامل مع الأجهزة الإلكترونية أو العالم الافتراضي الذي أصبح اليوم وفِي ضوء تلك الأزمة هو المنقذ الذي يعتمد عليه لمسايرة الحياة الاقتصادية والاجتماعية والوظيفية والسياسية والثقافية والتعليمية وغيرها في عدم وجود البدائل منها، منعاً للتقارب والاختلاط والتجمع لمكافحة ومواجهة هذا الضيف المثقل المميت "كورونا" الذي داهم الحياة بكل أناسها ومواطنها. … لذلك فرضية "التعليم عن بُعد " أمر محتوم ومحسوم لابد منه، مهما كانت العوائق والظروف الأسرية والتعليمية والتواصلية، لابد من قبوله وتحمل نتائجه، لأنه نُفّذ وفُعّل في ظروف استثنائية، ندرك حجم ما تبذله الدولة من إمكانيات وجهود من أجل توفير بساط أمني للجميع بعيداً عن التعرض لمشكلات "الكورونا"، وتفعيل سير الوظائف الحكومية والخاصة عن بُعد في المنازل نموذج، كما لابد أن نلمس الجهود التي يبذلها المسؤولون في الوزارة المتعاملون مع "التعليم عن بُعد" والتي تحولت بكل أقطابها إلى ورشة عمل لتحقيق الأهداف لإتمام المناهج الدراسية في الوقت الزمني المحدد، كما هو حجم مسؤولية وجهود أولياء الأمور في المراقبة والمتابعة والمساعدة لأبنائهم بالرغم من العوائق لمصلحة أبنائهم، إلا أننا لا ندرك مدى التسرع في الحكم على مشروع تعليميّ ينفذ لأول مرة في ظروف وبائية قاهرة، ومدى التذمر عند البعض دون أن نلمس الإحساس بصعوبة التعامل معه فجأة، لتتغير معه موازين الخطط والمشاريع التعليمية التي من الصعب تنفيذها في تلك الفترة وفق تلك الظروف، هناك صعوبة في حركة الإرسال والانقطاع المفاجئ، هناك صعوبة في كيفية التعامل الأُسَري مع التعليم الافتراضي، كما هي صعوبة في تهيئة المكان والجو المناسب للتركيز والفهم بالنسبة لبعض الطلبة وغيرها، وكلها مسلمات نتوقع الاصطدام معها تتطلب الصبر والتأني والرضا والقبول، فالرياح لا تحركها الجبال، وكما قال غازي القصيبي رحمه الله: "من يمتلك الإصرار والطموح قادر على تحطيم الصعاب مهما عظمت لتغيير الواقع". … ولكن مع الأسف حين نستسلم بفكرنا وعقولنا حول ما يدار عن سلبيات "التعليم عن بُعد" والنبش في منصات التواصل عن سلبيات ما يكتب حوله، وما يقال حول منسوبيه من مغالطات ليس من الأخلاقيات، مجرد إضاعة الوقت دون تقدير لجهود الدولة ومسؤولي الوزارة، وإدحاض منظومة أهمية "التعليم عن بُعد" ودوره في الوقت الراهن، وحين ننصت لكل شاردة وواردة من مصادر مغرضة بأسماء حقيقية أو مزيفة من المغرّدين لمجرد الاستنكار والاحباط وإبطال الجهود وتفعيل الاتكالية دون أن نعي ما يقال "رضا الناس غاية لا تدرك" فتلك طامة كبرى ومشكلة مجتمعية تقف حجر عثرة في نجاح هذا المشروع التعليمي، وغيره من المشروعات والخطط التي تتبعها الدولة لحماية المجتمع وتقليص حجم انتشار الوباء. …. إذا لم يفعّل "التعليم عن بُعد" في تلك الفترة الوبائية الحرجة المباغتة، فأين البديل إذن؟! هل يدمج ما تبقى من الشهور للسنة القادمة ويشكل عبئاً على المتعلمين وتنسى المناهج؟ هل تلغى الدراسة لهذا العام ويمكث الطلبة في البيت بشهادة نجاح شمولية باختلاف المستويات والقدرات التعليمية ومعه يُفقد الإنصاف والعدل في تقدير المستوي؟ كما سيؤدي إلى التبلد الذهني والمعرفي ونسيان ونسف ما أخذ مسبقا. … لذلك في هذه الظروف "التعليم عن بُعد" "أو التعليم الإلكتروني" نجاحه مسؤولية مجتمعية مشتركة، أولياء الأمور يتحملون مع الوزارة المسؤولية في الدعم التعليمي لأبنائهم، وفيما يتفق ومصلحتهم في التنوع الذي حققته الوزارة لتلقي المناهج من خلال المنصات الرقمية والبرامج والقنوات التعليمية، ولجميع المراحل، وضرورة توفير بيئة منزلية ملائمة، وضرورة تغيير النمط السلوكي وقت الأزمات لمواجهتها والتغلب عليها، دون تفعيل الطاقة السلبية والإحباطية والاتكالية من أجل تسيير التعليم الافتراضي بكل نجاح واستكماله لهذا العام، ليس مساندة للوزارة فحسب، بل مساندة للدولة التي لم تأل جهداً في توفير جميع السبل لمكافحة "وباء كورونا" وتوجهها في شمولية تفعيل النظام التعليمي الإلكتروني في جميع مدارس وجامعات الدولة، ولا ننسى قول الشاعر أبي القاسم الشابي: من لا يحب صعود الجبال …. يعش أبد الدهر بين الحفر