12 سبتمبر 2025

تسجيل

الملتقى الثاني للهوية في رؤية قطر الوطنية 2030

29 مارس 2016

تحت الرعاية الكريمة لمعالي الشيخ عبدالله بن ناصر آل ثاني رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية أقام مركز قطر للتراث والهوية الملتقى الثاني للهوية في رؤية قطر الوطنية 2030 ودور المؤسسات التعليمية في تعزيز الهوية الوطنية، وقد كان لهذا الملتقى ثمرة ثقافية ووطنية متميزة، من خلال تسليط الأضواء على كافة الجوانب التي تتعلق باللغة والهوية في ضوء التحديات الثقافية والاقتصادية والسياسية والتكنولوجية الراهنة، ومايتبعها من الإفرازات الناجمة عن بوادر الانفتاح والتحولات التي يمر بها المجتمع القطري بشكل خاص والمنطقة العربية بشكل عام، وشارك فيه عدد كبير من المختصين بالدولة وآخرون عرضوا تجاربهم في كيفية الحفاظ على لغتهم وهويتهم رغم التحديات التي تعرضوا لها، ومنها التجربة المغربية والتركية وكانوا نموذجا ثقافيا وتاريخيا من خلال عملية السرد من حيث الأصول الجغرافية والثقافية والتعليمية وكيفية مواجهة التحديات الثقافية في الحفاظ على لغتهم وهويتهم وكيفية الاستفادة من هذه التجارب المتداولة والأخذ منها مايتناسب مع ثقافة مجتمعاتنا القطرية ونمط الثقافة السائدة، والأهم هو النقاش والحوار بين السادة المشاركين والمحاضرين حول اللغة العربية ومعالم قوتها بما أنها تمثل لغة القرآن والأم في رفعة هذه الأمة وهي قلب الهوية الوطنية ومصدر القيم الدينية والثقافية والتعليمية والمجتمعية، التي تحافظ على رقي الفكر والثقافة وسبب من أسباب النهوض الثقافي والتعليمي، الحفاظ على اللغة والهوية في آن واحد وربما هذا مانراه في العديد من الدول الأوروبية وحرصهم في الحفاظ على لغتهم الأم المتداولة لكثير من السائحين والدارسين بها وتجبرهم على تعلمها رغم توحد اللغة الإنجليزية وبالإمكان التعامل بها إلا أنهم متمسكون بلغتهم وهويتهم ويعتبر ذلك أحد الأسباب في تميزهم ونجاحهم في الجوانب الثقافية والتعليمية وزرع قيم الانتماء الوطني بين أبنائها من خلال هذا الانتماء اللغوي وربما هذا ما أشار إليه المتحدثون بالملتقى إنه إذا ضاعت اللغة صارت هناك فوضى فكرية، وأنه لافكر بلا كلام، ولاكلام بلا فكر، وأن اللغة تمثل مرآة العقل للمجتمع، والتحديات التي تواجهها اللغة في الوقت الحالي نتيجة الانفتاح على الفضائيات ووسائل التواصل الاجتماعي والعمالة الوافدة وأثرها على التركيبة السكانية في ضوء التنمية التي تشهدها البلاد وبحاجة ماسة إلى العمالة من الجنسيات الآسيوية، والمدارس الأجنبية وتأثيرها على اللغة ومايتبعها من تواجد المربيات العاملات بالمنازل وأثرهن على لغة الأطفال من خلال المحاكاة اليومية وما النتيجة المتوقعة من وراء تلك التحديات؟. وربما هناك إشكالية أخرى، أبناء الدبلوماسيين وبحكم العمل والتنقل من مدينة لأخرى من الصغر حتى البلوغ وعند العودة للوطن فقدوا اللغة والهوية بصورة تلقائية مفروضة عليهم من خلال الاستقرار والدراسة والثقافة الأجنبية التي يؤمنون بقيمها ومبادئها وعدم الرغبة في الاحتفاظ بلغتهم وهويتهم، ولو تم تسليط الضوء من زاوية أخرى على طبقة المثقفين والأدباء والذين تلقوا تعليما وثقافة أجنبية فما تأثير هذه الدراسة والثقافة الأجنبية على لغتنا وهويتنا العربية المرحلة القادمة وهم سادة الفكر والثقافة للمجتمع، ومن جانب آخر غياب مفاهيم القيم الوطنية الحقيقية ومايتبعه من غرس قيم الانتماء الحقيقي للوطن وأصبحت تأخذ الشكل الخارجي فقط من مظاهر الاحتفال وهي قضية تحتاج تسليط الضوء عليها من قبل مؤسسات المجتمع المدني وعلى رأسها الأسرة والتعليم والإعلام، وبث بصورة مكثفة القيم الثقافية والهوية الوطنية لتعزيز الانتماء الوطني، وربما لابد أن يدرك الجميع أن قضايا اللغة والهوية هي مسؤولية مشتركة بين كافة مؤسسات المجتمع المدني وشرائح المجتمع بكل فئاته في ظل الانفتاح الاقتصادي والثقافي وله من مؤثرات إيجابية وسلبية ولابد من تفاعل وتلاحم الجميع لمواجهة تلك التحديات بدون أضرار تؤثر على تماسك واستقرار مجتمعاتنا الخليجية والعربية في آن واحد وهذا ما تشير إليه رؤية الدولة ل 2030 والتي تتضمن المحافظة على التراث الوطني وتعزيز القيم الراسخة. ونحن قادرون ونمتلك كافة الإمكانات التي تؤهلنا لتفادي ومواجهة كافة التحديات إذا تفاعل الجميع بشكل جماعي في الحفاظ على مكانة اللغة والهوية وأن تكون البداية الأسرة والمدرسة كأول بيئة صحية للطفل والناشئين .