11 سبتمبر 2025

تسجيل

أنا عربي.. لا أتحدث العربية !

29 فبراير 2024

دلفت إلى مكتبة قطر الوطنية لأُطالع بعض الكتب هناك، ثم بحثت جاهداً بين الرفوف عن كتب تؤرخ لحضارة المسلمين في بلاد الأندلس (إسبانيا والبرتغال حالياً) إلى أن وجدت مُؤَلَفاً رائعاً، فبدأت أُقلب في ورقات الكتاب وقراءة صفحات ذلك التاريخ العظيم والانغماس فيه رُويداً رويداً. كانت صفحاته تنبض بعبق العروبة وعزَتِها ويُنبئ عن آثار أقدام البطل العربي «موسى بن نصير»، وها هي أصوات جلجلة خيول البطل الأمازيغي «طارق بن زياد « تملأ آذان جزيرة إيبريا المذعورة من مَد العرب وسيطرتهم عليها. أكمل الفارسان رحلتهما الشاقة وطفقا يحققان النصر تلو النصر حتى وصلا إلى حدود مدينة «ليون» في بلاد الفرنجة، ولكن أمر الخليفة الأموي الوليد بن عبدالملك بوقف العمليات العسكرية وعودة القائدين إلى العاصمة دمشق، وبذلك توقفت الفتوحات عند هذا الحد. وبينما كنت منهمكاً في قراءة صفحة جديدة من بطولات العرب المسلمين هناك، وأتابع مشهداً من معركة «تولوز» بقيادة «السمح بن مالك الخولاني «، جذب انتباهي صوتٌ لبعض الشباب والبنات يُثَرثِرون. ومع اقتراب الجيش الإسلامي من النصر، سقط «السمح» قتيلاً، واضطرب الجيش الإسلامي، وارتد إلى سبتمانيا، وكان ذلك في 721م، وفي هذا الموقف الصعب، يَظهر أحد القادة الذي اختاره الجيش ليقود دفة الأمور، وكان هذا الشخص هو «عبدالرحمن بن عبدالله الغافقي»، الذي عاد بالجيش إلى الجنوب ليتفادى مصيراً سيئاً لباقي جنوده، إلى أن وصل أخيراً إلى الأندلس. انزعجت مجدداً أثناء قراءتي من أصوات أولئك الشباب الذين كانوا يتحدثون باللغة الإنجليزية ولكن لهجتهم أو نبرة الصوت كانت عربية خالصة ولكنها مُزِجَت ببعض الميوعة في الكلام وتركيب المفردات. لم أُعِر الأمر اهتماماً في بدء الأمر وانشغلت بالقراءة في نهم كي أتابع ما جري في الأندلس من اضطرابات وتعاقُب الوُلاة على الحكم بشكل غير مُستتِب، وهنا بدأت التمردات الداخلية في الظهور، وأدى ذلك إلى تفكك الجيش وذلك لاختلاف القبائل العربية المكوّنة له فيما بينها. في قلب كل تلك التوترات، صادق الخليفة «هشام بن عبدالملك» في 731م على تعيين عبدالرحمن الغافقي» والياً على الأندلس. قررت في خضم هذه الأحداث المُتلاحقة أخذ قسط من الراحة لأتابع ما يحدث داخل المكتبة من فعاليات، ثم ذهبت لصلاة المغرب بالمسجد وقلبي معلق بما سيحدث للمسلمين هناك في تلك الديار الغريبة والجديدة عليهم. عُدت بعد أن هدأت قليلاً إلى نفس المكان لأجد نفس الشباب يتشاجرون ويسبُ بعضهم بعضاً بألفاظ نابية، ولكن في هذه المرة بلغة عربية يتخللها القليل جداً من الكلمات الأجنبية! وبدافع من الغيرة على لغتنا العربية، طلبت منهم أن يخفضوا صوتهم أو يتوقفوا تماماً عن التحدث باللغة العربية وأن يعودوا إلى لغتهم الأجنبية!