12 سبتمبر 2025

تسجيل

نظرة أمل

07 أكتوبر 2023

لأن قامتها قصيرة فكانت قصتها قصيرة، ولكن أحلامها إذا كُتبت ستملأ عشرات الصفحات. أمل تلك الطفلة الصغيرة التي كانت تعشق الفيلم الكارتوني «سنووايت والأقزام السبعة»، ومضت تقلد الأقزام في حركاتهم وأصواتهم، ولم يخطر ببالها يوماً بأنها ستكون جزءاً من عالمهم الصغير والقصير جداً. سئمت من إلقاء اللوم على والديها، فهي القصيرة الوحيدة بين أخواتها، إذن فهذه هي إرادة الخالق وعليها أن تصبر على البلاء، ولكن هل ستصبر على نظرات أولئك المُتطفلين من خلقه؟! كانت تمُر نظرات الناس إليها كلدغات الأفعى التي ترسل في جسدها السموم ولا تبالي، وطفقت الدموع تزورها كجليس يخفف عنها وحشة الليالي، ثم تتركها عند الفجر بعد أن تجف رويداً رويداً وتغطي جفونها وترحل ! ذات نهار أخذت تفكر ملياً في طمث أعين الناس، ولكن كيف وما الوسيلة؟، ولأنها ما زالت صغيرة وضعف جسدها لن يمكنها من أي حيلة، تركت الأمر للأيام ربما تصنع لها المعجزة! بالفعل مضت الأيام ولكنها كعادتها كانت بخيلة فتصدقت عليها بسنتيمترات قليلة لم تغير من وصف قامتها شيئاً، بل راقبتها نظرات الناس أكثر، فصارت تُمزق جسدها بغير ألم، وكادت تقتل ثقتها بنفسها بسكين ثلم. دخلت المرحلة الثانوية ولم تصدق عينيها حين رأت من هُن أقصر منها ولو بسنتيمترات قليلة، عندئذ حمدت الله أنها ليست الوحيدة في مدرستها الجديدة. كانت نشيطة كالمعتاد فلم تضيع وقتاً وقررت التعرف على قرنائها، لتتلاقى الهموم والأهداف، واتفقن على تعلم رياضة السباحة كما أقنعن مديرة المدرسة التي وافقت مشجعة لهن وأنشأن فريق «التحدي»، ونافَسنَ في جميع البطولات المدرسية. لم يصدق أحد أن هذا الفريق سينجح!، ولكن إرادتهن صدقت وتحدت الجميع، ونِلْن المراكز الأولى في البطولات المحلية، بيد أن أحلامهن لم تتوقف عند هذا الحد، فقررن المشاركة في بطولة العالم للسباحة وبالفعل حَصَدن المركز الأول والميدالية الذهبية كأول إنجاز عربي في هذه البطولة! بالطبع خبر كهذا لن يمر بعيداً عن وسائل الإعلام فتصدرت صورهن عناوين الأخبار في الصحف والمجلات، وتم استضافتهن في أشهر القنوات المحلية والعالمية احتفالاً بنَصرهن. وبسؤال البطلة «أمل» عن شعورها اليوم وكل الناس تتحدث عنها وعن زميلاتها كبطلات حققن ما لم يحققه الأكثر منهن طولاً! قالت إني أشعر بالفخر والاعتزاز، وأتوجه بالشكر لكل زميلاتي على مجهودهن العظيم، كما أنني لن أنسى أبداً نظرات أولئك الذين راهنوا على فشلي وعجزي عن تحقيق أي إنجاز، إني مدينة لهم، فقد منحوني إرادة من فولاذ.