27 أكتوبر 2025
تسجيلمع كل تعديل وزاري تحدث مفارقات بحيث يخرج الوزير من وزارته ويحل مكانه الوزير الجديد بالمهام المنوطة به ، فيترتب على ذلك بشكل تلقائي إحلال فريق جديد في الوزارة من المقربين وأصحاب الثقة من الوزير الجديد ويخرج الفريق الخاص بالوزير السابق ليكون مصيرهم في إحدى إدارات الوزارة بلا مهام تذكر أو احالتهم للتقاعد ، وهذا ينسحب على كثير من المسئولين وحتى في نطاق رؤساء الأقسام الادارية النافذين.المفارقات المتوقعة دائما هي ان يتحول الاعتماد على المقربين وأهل الثقة في شغل الوظيفة العامة في الوزارة فيهدر به مبدأ تكافؤ الفرص باعتماد معايير الثقة والواسطة والقرابة والاعتبارات الشخصية الأخرى في التوظيف والترقي ، فالواسطة أو "المحسوبية" يمثلان الوجه الآخر للفساد وإساءة استخدام السلطة، ويفتحان الباب للاستهانة بقواعد وإجراءات تولي الوظائف العامة ، وهي ظاهرة تتطلب تشديد الرقابة فلكل وظيفة شروطًا ومؤهلات وإجراءات قانونية يجب اتباعها ويتعين على الإدارة أو المؤسسة أو الوزارة تطبيق هذه الشروط وفقًا لمبدأ تكافؤ الفرص أمام الجميع. قانون الموارد البشرية وضع تنظيمًا محكمًا للوظائف واتبع ذلك بتقارير كفاية الأداء السنوية للموظف وجعلها معيارًا عند تعيين الموظف ، وهناك بند في القانون غير مطبق في عدد من الوزارات والادارات والذي يحظر جمع الاقارب من الفئة الاولى او التالية في ادارة واحدة فنجد الاخوان او ابناء العم او الاقارب يتقلدون مناصب متفرقة في نفس الموقع وهي مخالفة صريحة وهدر للضمانات والاشتراطات التي بالطبع تؤثر على الوظيفة العامة ، وتشعر الموظف بفقدان العدالة الوظيفية ويصابون بالإحباط ما دامت الوظيفة تخضع للامزجة الخاصة والمحسوبية.المحاباة والمحسوبية ومدى ارتباط الموظف بالمسئول أصبحت سائدة بين بعض الوزارات أو الإدارات، وتعتمد على شخصيته وكفاءته في ادارة مهامه دون عامل الغيرة والتحوط وخوفه من أصحاب الكفاءات والقدرات من التدرج في الوظائف والوصول إلى منصب كبير يكون منافسًا له ، لذا نرى من الطرف الاخر من يحاول التضييق على هذه الكفاءات تارة بالتهميش وأخرى بالتجميد، والاعتماد على المقربين وأهل الثقة. المشكلة التي تتراءى امامنا بصراحة أن أصحاب الكفاءات إما يتم تقاعدهم مبكرا أو تعيينهم في منصب مستشار دون صفة بعيدًا عن صناعة القرار، المشكلة ان اعداد هؤلاء المهمشين بدأت تتزايد ، وبدأ كثير من الكفاءات الوطنية تتسرب في الآونة الأخيرة من القطاع الحكومي إلى الخاص بسبب المحاباة والمجاملات والمحسوبية، وهذا ملاحظ جدا في الموظفين المحالين للتقاعد في سن العطاء والخبرة.الظاهرة بدأت تطفو على السطح بقوة وعلينا مواجهتها، لأن إهدار الكفاءات يؤثر بالسلب على سير العمل والوظيفة العامة وعلى الخدمات المقدمة للجمهور ، والمشكلة الأكبر أن المسئولين الضعفاء يستقدمون موظفين من الخارج للتغطية على ضعفهم وعدم كفاءتهم حتى لا يفتضح أمرهم، في وقت نهمش فيه الكفاءات الوطنية وأصحاب الخبرات.الادارة تقوم على الكفاءات وليس على المتسلقين والمتملقين وعلينا وضع شعار الاولوية للكفاءات الوطنية ومحاربة المحاباة حتى لا تكون على حساب العمل والانتاج ، فقانون الموارد البشرية حدد شروطًا ومواصفات ومعايير للوظيفة العامة، وعندما يتم تعيين موظف غير كفء وغير مؤهل لشغل الوظيفة، فهذا إخلال بمبدأ تكافؤ الفرص ومن ثم بالقانون.الخلاصة ان اي مسئول يصل بالمحسوبية فسوف يتبع نفس الخطوات والأسلوب الذي من خلاله وصل لمنصبه ، وهذا أحد الأسباب الرئيسية في تهميش وتجميد أصحاب الكفاءات أو إحالتهم للتقاعد. وسلامتكم