11 سبتمبر 2025
تسجيل(الحروب السابقة كانت مجرد بروفات أمام ما يحدث في غزة الآن)، عبارة آلمتني فعلا ضمن العبارات و(المانشيتات) التي تصدرت اللقاء المطول الذي أجرته صحيفة الشرق السباقة للحدث وتحديدا رئيس التحرير الأستاذ جابر الحرمي مع أيقونة الإعلام الفلسطيني مراسل قناة الجزيرة الصحفي المناضل وائل الدحدوح، الذي عاش ألم الفراق والحرمان وشهد مجازر الاحتلال الإسرائيلي بحق أطفال ورضع ونساء وشيوخ ورجال وشباب قطاع غزة منذ السابع من شهر أكتوبر من العام المنصرم وحتى لحظة نزوحه لخانيونس في جنوب القطاع، مرورا بآلامه التي اعتصرته وهو يشهد استشهاد زوجته الوفية وابنه محمود وابنته شام وحفيده آدم ثم استشهاد ابنه البكر الإعلامي حمزة الذي أراد الاحتلال الإسرائيلي باستهدافه وقتله أن يكسروا عزيمة ويختبروا صبر هذا الرجل الذي واجه الموت مباشرة باستهدافه هو وزميله المصور الشهيد سامر الدقة، قبل أن تفلح الجهود في إجلائه مع من تبقى من عائلته إلى مطار العريش، قبل أن يستقر بصورة مؤقتة في العاصمة القطرية الدوحة لتلقي العلاج الذي كان ضروريا لساعده الأيمن جراء الإصابة المباشرة التي كانت بهدف اغتياله لتتلقفه عناية الله عز وجل ثم العناية الطبية التي تلقاها في بلادنا ليخوض حوارا تخللته مشاعره الشخصية التي تداعت عليه وهو يستحضر اللحظات الأولى للمجازر الإسرائيلية الشنيعة التي لا يزال الاحتلال الآثم يرتكبها بدماء باردة في القطاع وبحق أهله المدنيين. «ما كان من حروب وعدوان سابق كان بروفة وما يجري الآن فهي المجازر الدامية بعينها التي تخلت إسرائيل عن إنسانيتها التي لا تملكها أساسا» هكذا عبر (الدحدوح) بحرقة مستحضرا كل لحظة قضاها في المستشفيات التي اقتحمتها قوات الاحتلال وأجهزت على الجرحى فيها والأطفال الخُدج دون رحمة وفي أماكن القصف العشوائي الذي كان يستهدف الآمنين ويلاحق كل عدسات الإعلام التي تريد أن تنشر حقيقة هذه القوات التي تتفاخر بأنها الجيش الأكثر أخلاقا ونزاهة في العالم، وكل وقت كان يقضيه مع أيتام غزة الصغار الذين فقدوا العائل والأب والأم والبيت والطفولة التي سلبها منهم هذا العدو الشره لدمائهم البريئة، وكيف كان يداعبهم ويرى فيهم أبناءه وحفيده الذين فقدهم مرة واحدة قبل أن يدمي قلبه المجروح اغتيال ابنه البكر حمزة، وكأن فعلا ما مر من أحداث إسرائيلية على القطاع ليست كهذه المرة التي تفجر العدوان غلا وحقدا على الصغار مهما كانت أعمارهم، لدرجة استهداف الأجنة في بطون أمهاتهم، لأن هذا العدوان هو الأقسى وهو الأشد مرارة وصعوبة على كل من في القطاع أو من تبقى منهم في الواقع لأن إسرائيل هذه المرة لم تر من حماس عدوا واحدا يجب أن تقاتله بل إن كل طفل غزاوي هو مشروع حماس قادم، وكل امرأة هي ولّادة لهذا المقاتل وكل رجل هو من سوف ينجب هذا الفدائي الذي سوف يهدد إسرائيل مستقبلا لذا لا تخبرونا عما مضى من عدوان وحروب حين يقول (الدحدوح) الآن إن الحاضر أكثر ويلا ووبالا وصعوبة وموتا، ولا تخبرونا ما كانت تتعرض له غزة الشوكة التي وصفها المناضل الدحدوح في قلب إسرائيل حين يرجو الغني فيها اليوم خيمة ليسكن مع عائلته تحت خيوطها البالية التي قد لا تمنع عنه ريحا ولا تقيه بقماشها المهترئ بردا ولا تظلله من المطر ولا تحيطه بالدفء، فكيف بمن يسكن رصيفا تخيم عليه السماء العارية ويلتحف أرضا باردة ويفقد من أطفاله ما غفت عنهم صواريخ إسرائيل ليقتلهم البرد القارس في العراء وقد وصف (الدحدوح) ذلك بحرقة وكأنه ما يزال يعيش هناك وهو العائد إلى هناك لا محالة كما أصر على أن يعود ويستمر ولا يسمح للرمح الإسرائيلي الغادر أن يكسر شوكة يده التي لم يستطع الاحتلال أن يعطبها واعدا بأن يرفع (مايك الجزيرة) قريبا لأنه سلاحه التي خشي منه العدو وسوف يبقيه مرفوعا حتى يشاء الله، فالحقيقة لطالما كانت الباقية كما هو إيماننا بأن إسرائيل زائلة وإن تداعى التطبيع أو ترافع حل الدولتين عن نفسه!.