10 ديسمبر 2025
تسجيلتُضيف القاعدة المزدهرة من الشركات الصغيرة والمتوسطة قيمة اقتصادية كبيرة للبلاد، حيث تتوافر بنية تحتية وسياسات ممتازة لهذه الشركات في دولة قطر، ولكن يجب بذل المزيد من الجهود على أرض الواقع لتعزيز دورها. وليس هناك شك في أن تشجيع الشركات الصغيرة والمتوسطة مفيد للاقتصاد. وفي دولة قطر، تعمل السياسات الرسمية على تعزيز الجهود الرامية لتنمية هذه الشركات، ويشكل الترويج لها جزءًا من رؤية قطر الوطنية 2030. وكانت غرفة تجارة قطر قد أعلنت في شهر يوليو 2022 عن صورة إيجابية عمومًا، حيث شكَّلت الشركات الصغيرة والمتوسطة 97٪ من شركات القطاع الخاص، وساهمت بنسبة تتراوح ما بين 15-17٪ من الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي. وسجلت هذه الشركات نموًا في قطاعيّ الصناعة والغذاء، كما تركز نشاطها بشكل رئيسي في قطاعات السياحة والضيافة وتكنولوجيا المعلومات والتجزئة والعقارات. وهناك تقدمٌ ملموسٌ في تشجيع الشركات الصغيرة والمتوسطة بدولة قطر ودعمها، ولكن لا تزال هناك مشاكل يجب معالجتها رغم الأرقام الواعدة والتوقعات الإيجابية بشكلٍ عام. وأشار تقرير صدر عن بنك قطر للتنمية في عام 2020 إلى أن المدخرات الشخصية والأرباح المعاد استثمارها لا تزال إلى حد بعيد أكبر مصادر تمويل هذه الشركات، وهو ما يشير إلى أنه يمكن تيسير سبل الوصول إلى التمويل للشركات الناشئة بشكل أكبر، بما في ذلك رواد الأعمال من ذوي الخلفيات منخفضة الدخل. كما أشار التقرير إلى ارتفاع التكاليف وبعض الإجراءات التي يمكن تبسيطها. وعند التحدث إلى مالكي الشركات الصغيرة والمتوسطة ومديريها، يدرك المرء أن هناك إمكانية للحد من البيروقراطية. فعند إنشاء شركة، على سبيل المثال، قد يضطر المرء إلى التسجيل في أكثر من موقع إلكتروني. كما أن تكاليف الترخيص باهظة بالنسبة لمختلف الأنشطة ويمكن أن تتراكم، ولا تفرق إجراءات الترخيص ورسوم الترخيص والنشاط بين الشركات الكبيرة والصغيرة والمتوسطة. ويتعين على الهيئات التي تشارك في تنظيم ممارسة الأعمال التجارية ووضع إجراءات إنشاء الشركات الجديدة ترتيب اجتماعات مع المزيد من مجموعات التركيز (Focus groups) من أجل التوصل إلى فهم أفضل لتجربة رواد الأعمال مع هذه الإجراءات والتكاليف والمدفوعات. ومن الوارد التوصل إلى إصلاحات بسيطة نسبيًا لبعض التكاليف والإحباطات التي ترتبط بعملية إنشاء الشركات الصغيرة والمتوسطة وتشغيلها. وستكون التكاليف التي تتحملها الهيئات التنظيمية صغيرةً مقارنةً بإمكانيات التنمية الاقتصادية وفرص تعزيز عملية تحقيق الأرباح والثروات التي يمكن أن تحدث نتيجة لذلك. وهناك حاجة أخرى لإجراء المزيد من دراسات السوق، حيث ان هناك فائضا في العرض في بعض القطاعات مثل المقاهي والفنادق. ومن الواضح أن الحكومة ليس من دورها توجيه النشاط في اقتصاد السوق الحر، ولكن بإمكانها توفير معلومات مفيدة للمستثمرين حول المجالات التي يكون فيها النشاط منخفضًا نسبيًا وهو ما يحد بالتالي من المنافسة، إلى جانب توفير بيانات قيِّمة حول القطاعات والأنشطة التي تكون فيها التكاليف والضغوط التنافسية مرتفعة. ويمكن أن تهيمن الشركات الكبيرة على المعارض التجارية في منطقة الخليج، لذا يبدو أن هناك إمكانية لتشجيع مشاركة الشركات الصغيرة والمتوسطة في هذه المعارض. ويمكن أن تثير عملية تعيين الموظفين مشكلة أيضًا. ففي العديد من البلدان السياحية، من السهل نسبيًا تعيين موظفين موسميين، ولكن في قطر، تكون مدة العقود عامًا واحدًا على الأقل. وبالنسبة للموظف المستقدم، قد يستغرق الأمر وقتًا طويلاً للحصول على الموافقة على تأشيرات العمل، والتأكد من اجتيازه للفحوصات الطبية وما إلى ذلك، حيث يمكن أن تستغرق ترتيبات الالتحاق بالعمل ما يصل إلى ستة أشهر. وبشكل عام، هناك تحديات تواجه الشركات الصغيرة والمتوسطة عند قيامها بإجراءات التوظيف، بسبب التكلفة الثابتة المرتفعة، بالإضافة إلى تكاليف إيجار العقار.ومن بين المجالات التي يبدو أن هناك مخاوف تتعلق بنقص الاستثمار فيها مجال الثورة الرقمية، حيث تخاطر أي دولة تتقاعس عن الاستثمار في هذا المجال بالتخلف عن ركب التقدم والتطور بشكل خطير. ورغم تطوير البنية التحتية الرقمية لدولة قطر، وتحول التكنولوجيا الفائقة إلى محور تركيز بعض حاضنات الأعمال، توصل تقرير صادر عن منصة تسمو الرقمية الحكومية إلى أن أقل من 1٪ من الشركات الصغيرة والمتوسطة في قطر تعمل في القطاع الرقمي. كما أفاد التقرير بضرورة وجود مستوى وعي أعلى بكثير يرتبط باعتماد التكنولوجيا الجديدة مثل الحوسبة السحابية وتحليلات البيانات الضخمة. ويجب دعم عمليات استثمار رأس المال الجريء في هذه الشركات بشكل مؤسسي منتظم. هناك روايتان تتعلقان بقضية تطوير ريادة الأعمال ونمو الشركات الصغيرة والمتوسطة في قطر هما: الصورة الكلية، التي تقع في مكان ما بين الجيد والممتاز؛ والصورة الجزئية، حيث توجد إحباطات وإمكانية لمساهمة الإصلاحات في تطوير القطاع بشكل أكبر. ويمكن للمبادرات المتواضعة نسبيًا ومنخفضة التكلفة أن تطلق العنان لتحقيق إمكانيات اقتصادية كبيرة.