09 سبتمبر 2025

تسجيل

الخوف من المستقبل !

29 يناير 2023

تتملك البعض عقدة الخوف من المستقبل، كما تزداد حدتها عند من ضعف إيمانه بالمولى عز وجل، وتتمثل له في عدّة أوجه كنقص في العمر أو نقص في الرزق أو الصحة وما إلى ذلك من أمور حياتية هي بطبيعة الحال زائلة. ينغّص هذا الشعور على صاحبه حياته، ويجعله في حيرة من أمره، والغريب في الأمر أن عقدة الخوف من المستقبل لم تكن مستشرية في حياة الناس يوم كانت الحياة أصعب والأحوال شحيحة! إنه القرب من الله والتوكل عليه سبحانه وتفويض الأمور إليه وعدم التواكل. يتحوّل شعور الخوف من المستقبل إلى مرض نفسي خطير يدمّر الإنسان ويؤثر على مختلف نواحي حياته وعلى أسرته وعمله وكل من حوله، وقد يصل إلى مراحل متقدّمة إذا لم يواجه المرء الأمر بشيء من الشجاعة والإقدام على العلاج إذا لزم الأمر! يحوّل البعض حياته إلى جحيم وهو يلوم الأمس ويتحسّر على ضياع الفرص ويتخوّف من القادم ومن المستقبل، فيضيع استمتاعه بالحاضر وبما يتوفر له اليوم من صحة وشباب وراحة بال، فيؤدّي ذلك بالمحصلة لخسارة الأمس واليوم، ولا يبقي لنفسه إلا مشاعر الخوف من المستقبل. ومن الأحاديث النبوية الشريفة في الرزق ما قَالَه رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ، مُعَافًى فِي جَسَدِهِ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ، فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا). كما يحضرني في هذا المقام عدد من مقولات المشايخ الكرام عن الرزق، فقد قال الشيخ الشعراوي رحمه الله: «لا يقلق من كان له أب، فكيف بمن كان له رب؟»، كما قال الشيخ الطنطاوي رحمه الله: «كل شيء بقدر الله، والله قسم للعبد سعادته وشقاءه ورزقه وعمره، فما كان لك سوف يأتيك على ضعفك، وما كان لغيرك لن تناله بقوتك»، وقال الإمام الشافعي، رحمه الله، في قصيدة رائعة: تَوكلْتُ في رِزْقي عَلَى اللَّهِ خَالقي وأيقنتُ أنَّ اللهَ لا شك رازقي وما يكُ من رزقي فليسَ يفوتني وَلَو كَانَ في قَاع البحارِ الغَوامِقِ سيأتي بهِ اللهُ العظيمُ بفضلهِ ولو لم يكن مني اللسانُ بناطقِ ففي أي شيءٍ تذهبُ النفسُ حسرة وَقَدْ قَسَمَ الرَّحْمَنُ رِزْقَ الْخَلاَئِقِ لو تأملنا هذه الكلمات الرائعة بكثير من التركيز لتيقنا أن الله عز وجل مدبّر الأمور لا يخيب من فوّض أمره له سبحانه وتعالى. ● آخر الكلام: لو جريت جري الوحوش غير رزقك لن تحوش... ربي إني فوضت لك أمري فاكفني.